قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)) ، رواه أبوداود.
٣١- (٣٠) ورواه الترمذي عن معاذ بن أنس مع تقديم وتأخير، وفيه:((فقد استكمل إيمانه)) .
ــ
وقيل: سنة (٨٦) وهو ابن (٩١) سنة، وقيل: ابن (١٠٦) سنة، وهو آخر من مات بالشام من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول بعضهم. (من أحب لله) أي لأجله ولوجهه لا لحظ نفسه (وأبغض لله) أي لكفره وعصيانه لا لإيذائه له (وأعطى لله) أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه وريائه (ومنع لله) أي لأمر الله فلا يصرف الزكاة عن كافر لخسته ولا عن هاشمي لشرفه بل لمنع الله لهما منها، وكذلك سائر الأعمال، فسكت لله وتكلم لله، واختلط بالناس لله واعتزل عن الخلق لله، كقوله تعالى حاكياً:{إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}[٦: ١٦٢] ، وإنما خص الأفعال الأربعة لأنها حظوظ نفسانية، إذ قلما يمحضها الإنسان لله، فإذا محضها مع صعوبة تمحيضها كان تمحيض غيرها بالطريق الأولى، ولذا أشار إلى استكمال الدين بتمحيضها بقوله (فقد استكمل الإيمان) بالنصب أي أكمله، وقيل بالرفع، أي تكمل إيمانه. (رواه أبوداود) في السنة وسكت عليه، وفي إسناده القاسم بن عبد الرحمن أبوعبد الرحمن الشامي، قال المنذري: قد تكلم فيه غير واحد – انتهى. وأخرجه أيضاً الضياء المقدسي، قال العزيزي: بإسناد ضعيف، والطبراني في الأوسط، وفي إسناده صدقة بن عبد الله السمين، ضعفه البخاري وأحمد وغيرهما، وقال أبوحاتم: محله الصدق، كذا في مجمع الزوائد.
٣١- قوله:(ورواه الترمذي) أي في آخر أبواب الزهد (عن معاذ بن أنس) الجهني حليف الأنصار، قال ابن يونس: صحابي كان بمصر والشام، قد ذكر فيهما، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، وله رواية عن أبي الدرداء وكعب الأحبار، روى عنه ابنه سهل بن معاذ وحده، وهو لين الحديث إلا أن أحاديثه حسان في الفضائل والرغائب، قال الخزرجي: له ثلاثون حديثاً، وروى البغوي في معجمه من طريقه ما يدل على أنه بقي إلى خلافة عبد الملك بن مروان. (مع تقديم وتأخير) ولفظه: ((من أعطى لله ومنع لله، وأحب لله وأبغض لله، وأنكح لله)) ، (وفيه) أي في حديث الترمذي أو في مروي معاذ (فقد استكمل إيمانه) أي بالإضافة، قال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث منكر، قال شيخنا في شرح الترمذي: لم يظهر لي وجه كون هذا الحديث منكراً – انتهى. ويمكن أن يقال: إن الترمذي أراد بقوله منكر أنه غريب من حديث معاذ بن أنس، فقد تفرد بروايته عنه ابنه سهل، فهو غريب من جهة هذا الطريق، والمنكر يطلق على معنيين: أحدهما ما خالف فيه الضعيف القوي، والثاني ما تفرد به الضعيف من دون اشتراط المخالفة، وهاهنا قد انفرد بروايته سهل بن معاذ عن أبيه، وقد ضعفه ابن معين، وقال أبوحاتم الرازي: لا يحتج به، ووقع في بعض نسخ الترمذي:"حديث حسن"، بدل قوله "منكر" فليحرر، ولعل الترمذي حسنه مع أن في سنده أبامرحوم عبد الرحيم بن ميمون، وضعفه ابن معين وتكلم فيه غير واحد، وسهل بن معاذ قد عرفت حاله؛ لأن أبامرحوم هذا قد قال فيه