٨٤٤- (١٧) وعن أبي هريرة، قال:((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر يوم الجمعة بـ {الم تنزيل} في
الركعة الأولى، وفي الثانية {هل أتى على الإنسان} .
ــ
لأبي عبد الله قرابة يصلي به فكان يقرأ في الثانية من الفجر بآخر السورة، فلما أكثر قال أبوعبد الله: تقدم أنت فصل، فقلت: هذا يصلي بكم منذ كم؟ قال: دعنا منه يجيء بآخر السور، وكرهه. قال شيخنا: ولعل أحمد إنما أحب إتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما نقل عنه، وكره المداومة على خلاف ذلك، فإن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة السورة، أو بعض السورة من أولها، ونقل عنه رواية ثالثة أنه يكره قراءة أوسط السورة دون آخرها لما روينا في آخر السور عن عبد الله بن مسعود، ولم ينقل مثل ذلك في وسطها. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: الرجل يقرأ آخر السورة في الركعة، فقال: أليس قد روي في هذا رخصة عن عبد الرحمن بن يزيد وغيره؟ قال: فأما قراءة أوائل السور فلا خلاف في أنه غير مكروه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ من سورة المؤمنين إلى ذكر موسى وهارون، ثم أخذته سعلة فركع، وقرأ سورة الأعراف في المغرب فرقها مرتين. رواه النسائي- انتهى. قلت: لا شك أنه يجوز القراءة في لفريضة من أوائل السورة وأواخرها وأوساطها؛ لأن الكل كتاب الله، لكن الأولى والأفضل قراءة السورة كاملة، فإنه الغالب من فعله - صلى الله عليه وسلم -. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً النسائي، وابن ماجه. وذكره البخاري في صحيحه معلقاً بقوله: ويذكر عن عبد الله بن السائب، للاختلاف في سنده مع كونه مما تقوم به الحجة.
٨٤٤- قوله:(كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر) أي في صلاة الفجر. (يوم الجمعة) لعل السر في قراءة هاتين السورتين في صلاة فجر يوم الجمعة أنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومها، فإنهما اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذكر المبدأ والمعاد، وحشر العباد، وأحوال يوم القيامة، وكل ذلك كان، وسيقع يوم القيامة، ففي قراءتها تذكير للعباد ليعتبروا بذكر ما كان ويستعدوا لما يكون. (بـ {الم تنزيل} ) بضم اللام على الحكاية، وزاد في رواية:"السجدة" بالنصب عطف بيان. {هل أتى على الإنسان} أي بكمالها ويسجد فيها كما في المعجم الصغير للطبراني من حديث علي: أنه - صلى الله عليه وسلم - سجد في صلاة الصبح في:"تنزيل السجدة". لكن في إسناده ضعف. قال الحافظ: في الحديث دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في هذه الصلاة من هذا اليوم لما تشعر الصيغة به من مواظبته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، أو إكثاره منه، بل ورد من حديث ابن مسعود التصريح بمداومته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك. أخرجه الطبراني، ولفظه: يديم ذلك. وأصله في ابن ماجه بدون هذه الزيادة، ورجاله ثقات، لكن صوب أبوحاتم إرساله- انتهى. قال ابن حجر: تصويب أبي حاتم إرساله لا ينافي الاحتجاج به، فإن المرسل يعمل به في مثل ذلك إجماعاً، على أن له شاهداً أخرجه الطبراني أيضاً في الكبير عن ابن عباس بلفظ: