قلنا: نعم، يا رسول الله! قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) .
ــ
التصديق، ويؤيده رواية الترمذي بلفظ: إن أراكم تقرؤن وراء إمامكم. وإنما قال: خلف إمامكم، وحق الظاهر "خلفي" ليؤذن بأن تلك الفعلة غير مناسبة لمن يقتدي بالإمام. (قلنا: نعم) زاد أبوداود في روايته "هذا" قال الخطابي في المعالم (ج١: ص٢٠٥)"الهذ" سرد القراءة ومداركتها في سرعة واستعجال. وقيل: أراد بالهذ الجهر بالقراءة، وكانوا يلبسون عليه قراءته بالجهر، وقد روي ذلك في حديث عبادة من غير هذا الطريق-انتهى. (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب) قال الخطابي: قوله "لا تفعلوا" يحتمل أن يكون المراد به الهذ من القراءة، وهو الجهر بها. ويحتمل أن يكون أراد بالنهي ما زاد من القراءة على فاتحة الكتاب-انتهى. قلت: على الاحتمال الأول يكون الحديث بظاهره دليلاً على الإذن بقراء الفاتحة جهراً لأنه استثنى من النهي عن الجهر خلفه، لكن أخرج البخاري في جزء القراءة، وابن حبان، والبيهقي في كتاب القراءة، وأبويعلى، والطبراني في الأوسط من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه، فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه، فقال: أتقرؤن في صلاتكم والإمام يقرأ؟ فسكتوا، فقالها ثلاث مرات، فقال قائل- أو قائلون- إنا لنفعل. قال فلا تفعلوا، وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه. هذا لفظ البخاري. (فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) قال الخطابي في المعالم (ج١: ص٢٠٥) : هذا الحديث نص بأن قراءة فاتحة الكتاب واجبة على من صلى خلف الإمام، سواء جهر الإمام بالقراءة أو خافت بها. وإسناده جيد لا طعن فيه. قلت: الأمر كما قال الخطابي، لا شك في أن هذا الحديث نص صريح في أن قراءة فاتحة الكتاب واجبة على المأموم في جميع الصلوات سرية كانت أو جهرية، لأن الاستثناء من النفي عند الجمهور إثبات، فيكون ظاهر الحديث مفيداً لإباحة القراءة بالفاتحة خلف الإمام، لا الوجوب، لكنه ههنا يحمل على إفادة الوجوب، لا الإباحة، والإذن، والرخصة فقط، ولقوله: - صلى الله عليه وسلم - "فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، فقوله هذا دليل واضح وحجة صريحة لحمل الاستثناء السابق على إفادته الوجوب، قال الشيخ عبد الحي اللكنوي في السعاية: قد ثبت بحديث عبادة وهو حديث صحيح قوي السند: أمره - صلى الله عليه وسلم - بقراءة الفاتحة للمقتدي-انتهى. وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار: أما حديث عبادة فقد بين الأمر، وأخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر المأمومين بالقراءة خلفه بفاتحة الكتاب. قلت: وقد ورد الأمر بقراءة الفاتحة خلف الإمام صريحاً في حديث أنس، وقد تقدم لفظه. وفي حديث عبادة عند الطبراني في الكبير ولفظه: من صلى خلف الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب، كذا في كنز العمال (ج٤: ص٩٦) ووقع هذا الحديث في مجمع الزوائد (ج٢: ص١١١) . (طبعة مصر القاهرة) بلفظ: من قرأ خلف الإمام. بدل "من صلى" الخ. والظاهر أنه خطأ من النساخ، فقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير بلفظ "من صلى" كما في الكنز. قال الهيثمي: رجاله موثقون. وقال العلقمي في شرحه: بجانبه علامة الحسن. وفي حديث أبي هريرة عند البيهقي في كتاب القراءة بعد ذكر