أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الصبح {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي أم قرأ ذلك عمداً)) رواه أبوداود.
٨٧٠- (٤٣) وعن عروة، قال:((إن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، صلى الصبح، فقرأ فيهما بسورة البقرة في الركعتين كلتيهما))
ــ
الرجل، والبارز إلى "معاذ" ولا يضر الجهل به لأنه صحابي، والصحابة كلهم عدول. (أنه) أي الرجل. (في الركعتين كلتيهما) تأكيد لدفع توهم التبعيض، أي قرأ في كل من ركعتيها {إذا زلزلت}[٩٩: ١] لكمالها. (أنسي؟) بهمزة الاستفهام، أي أنه قرأ في الأولى {إذا زلزلت}(أم قرأ ذلك عمداً) تردد الصحابي في أن إعادة النبي - صلى الله عليه وسلم - للسورة هل كان نسياناً لكون المعتاد من قراءته أن يقرأ في الركعة الثانية غير ما قرأ به في الأولى، فلا يكون مشروعاً لأمته، أو فعله عمداً لبيان الجواز، فتكون الإعادة مترددة بين المشروعية وعدمها، وإذا دار الأمر بين أن يكون مشروعاً وغير مشروع فحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على المشروعية أولى. لأن الأصل في أفعاله التشريع، والنسيان خلاف الأصل. ونظيره ما ذكره الأصوليون فيما إذا تردد فعله - صلى الله عليه وسلم - بين أن يكون جبلياً أو لبيان الشرع، والأكثر على التأسي به. كذا في النيل. وقال ابن حجر: الظاهر أنه فعل عمداً ليبين به حصول أصل السنة بتكرير السورة الواحدة من قصار المفصل في الركعتين. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري. قال الشوكاني: ليس في إسناده مطعن، بل رجاله رجال الصحيح.
٨٧٠- قوله:(وعن عروة) أي ابن الزبير التابعي المشهور. (فقرأ فيهما) أي في ركعتي الصبح. وفي نسخة "فيها" كما في الموطأ، وهو الظاهر. أي في صلاة الصبح، والمراد بعد فاتحة الكتاب، واستغنى عن ذكرها لشهرتها بين الناس ولعلم الناس بذلك. (بسورة البقرة في الركعتين كلتيهما) يعني على توزيع السورة وتقسيمها. وفي حديث أنس، قال: صلى بنا أبوبكر صلاة الفجر، فافتح سورة البقرة، فقرأ بها في ركعتين، فلما سلم قام إليه عمر، فقال: ما كدت تفرغ حتى تطلع الشمس. قال: لو طلعت لألفتنا غير غافلين. وهذا إجماع منهم. وفيه رد على من قال باستحباب الإسفار، وأفضلية تأخير صلاة الفجر إلى الإسفار، وتائيد لما ذكرنا في معنى "أسفروا بالفجر" نقلاً عن الطحاوي وابن القيم من أن المراد به الإسفار دواماً لا ابتداء فيدخل فيها مغلساً، ويطول القراءة، فيخرج منها مسفراً جداً. قال الحافظ: روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق أنه أم الصحابة في صلاة الصبح بسورة البقرة فقرأها في الركعتين، وهذا إجماع منهم-انتهى. وفيه دليل على جواز قسم السورة الواحدة بين الركعتين في الفريضة من غير كراهة.