للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٨٧٦- (٢) وعن البراء، قال: ((كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسجوده، وبين السجدتين، وإذا رفع من الركوع، وما خلا القيام والقعود، قريباً من السواء)) .

ــ

هذا عمل البخاري، فأخرج هذا الحديث في علامات النبوة، وكذا نقل عن الإمام أحمد وغيره، ثم ذلك الإدراك يجوز أن يكون برؤية عينه، انخرقت له العادة فيه أيضاً فكان يرى بها من غير مقابلة؛ لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلاً عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب، وإنما تلك أمور عادية يجوز حصول الإدراك مع عدمها عقلاً، ولذلك حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الدار الآخرة، خلافاً لأهل البدع لوقوفهم مع العادة. وقيل كانت له عين خلف ظهره يرى بها من ورائه دائماً. وقيل: كان بين كفيه عينان مثل سم الخياط يبصر بهما لا يحجبهما ثوب ولا غير-انتهى. وظاهر الحديث أن ذلك يختص بحالة الصلاة، ويحتمل أن يكون ذلك واقعاً في جميع أحواله. وقد نقل ذلك عن مجاهد. وحكى بقي بن مخلد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبصر في الظلمة كما يبصر في الضوء. وسبب هذه المقالة كما تدل عليه الروايات أنهم قصروا في الصلاة وأساءوها بتفويت الخشوع، ونقصان الركوع والسجود، وعدم إحسان الصلاة، ففي الحديث الحث على الخشوع في الصلاة، والمحافظة على إتمام أركانها وأبعاضها، وأنه ينبغي للإمام أن ينبه الناس على ما يتعلق بأحوال الصلاة، ولا سيما إن رأى منهم ما يخالف الأولى. وقد سئل عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته أياهم دون تحذيرهم برؤية الله تعالى لهم، وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل كما تقدم في كتاب الإيمان: اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فأجيب: بأن في التعليل برؤيته - صلى الله عليه وسلم - لهم تنبيهاً على رؤية الله تعالى لهم؛ فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يراهم، أيقظهم ذلك إلى مراقبة الله تعالى، مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ولكونه يبعث شهيداً عليهم يوم القيامة، فإذا علموا أنه يراهم يحفظوا في عبادتهم، ليشهد لهم بحسن عبادتهم. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً النسائي.

٨٧٦- قوله: (كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم -) اسم كان. (وسجوده) عطف عليه. (وبين السجدتين) أي وجلوسه بينهما. (وإذا رفع) أي اعتدل، وفي رواية: وإذا رفع رأسه. (من الركوع) أي قيامه وقت رفع رأسه من الركوع؛ لأن "إذا" إذا انسلخت عن معنى الاستقبال تكون للوقت المجرد. وقال الطيبي: قوله "وبين السجدتين" و"إذا رفع" معطوفان على اسم كان، أي ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم -، على تقدير المضاف، أي زمان ركوعه وسجوده، وبين السجدتين، ووقت رفع رأسه من الركوع. (ما خلا) بمعنى إلا. (القيام القعود) بالنصب فيهما لا غير. (قريباً) خبر كان. (من السواء) بفتح السين والمد. أي كان قريباً من المساواة والمماثلة، ولاستثناء ههنا من المعنى فإن مفهوم ذلك: كانت أفعال صلاته

<<  <  ج: ص:  >  >>