٨٨٦- (١٢) وعن عقبة بن عامر، قال:((لما نزلت {فسبح باسم ربك العظيم} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها في ركوعكم. فلما نزلت {سبح اسم ربك الأعلى} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها في سجودكم)) رواه أبوداود وابن ماجه والدارمي.
ــ
٨٨٦- قوله:(اجعلوها) أي مضمونها ومحصولها. (في ركوعكم) يعني قولوا: سبحان ربي العظيم. (اجعلوها في سجودكم) أي قولوا: سبحان ربي الأعلى، كما يدل عليه حديث ابن مسعود، وحديث حذيفة بعد هذا، ففيهما بيان كيفية هذا الجعل. والحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم، والسجود بالأعلى، أن السجود لما كان فيه غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام، كان أفضل وأبلغ في التواضع من الركوع، فحسن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل وهو الأعلى، بخلاف التعظيم، جعلاً للأبلغ مع الأبلغ، والمطلق مع المطلق، وأيضاً قد صح:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، فربما يتوهم قرب المسافة فندب "سجان ربي الأعلى" دفعاً لذلك التوهم، وأيضاً في السجود غاية انحطاط من العبد فيناسبه أن يصف فيه ربه بالعلو. والحديث يصلح متمسكاً للقائلين بوجوب تسبيح الركوع والسجود، وقد تقدم جواب الجمهور عنه. قال الطيبي: الاسم ههنا صلة بدليل أنه - عليه السلام - كان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، فحذف الاسم، وهذا على قول من زعم أن الاسم غير المسمى، وقيل: الاسم يجوز أن يكون غير صلة، والمعنى تنزيه اسمه عن أن يبتذل، وأن لا يذكر على وجه التعظيم، قال الرازي: كما يجب تنزيه ذاته عن النقائص، يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن الرفث وسوء الأدب. وقال السندي في حاشية ابن ماجه: قوله: "اجعلوها في ركوعكم"، أي اجعلوا التسبيح المستفاد منها، وجاء بيان ذلك التسبيح "سبحان ربي العظيم"، وهذا يفيد أن لفظ الاسم في قوله:{فسبح باسم ربك العظيم}[٥٦: ٧٤] مقحم، وكذا قوله "اجعلوها في سجودكم". وقد يقال: بيان الآية بهذا التسبيح مبني على أن مفعول "سبح" محذوف أي سبحه، وقوله "باسم ربك" حال، أي حال كونه متلبساً باسمه، و"العظيم" هو بيان الاسم، وهذا أقرب إلى تطبيق الآية بالبيان فليفهم، إلا أنه لا يوافق آية السجود- انتهى. (رواه أبوداود، وابن ماجه، والدارمي) وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال: صحيح. قال الذهبي: في إسناده أياس بن عامر، وليس بالمعروف، وفي تهذيب التهذيب (ج١: ص٣٨٩) : ومن خط الذهبي في تلخيص المستدرك: ليس بالقوي- انتهى. قلت: أياس هذا قال العجلي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له ابن خزيمة. وقال الحافظ في التقريب: صدوق. وسكت على حديثه هذا أبوداود، والمنذري، وقال النووي: إسناده حسن.