الذي يسرق من صلاته. قالوا: يا رسول الله! وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها)) . رواه أحمد.
٨٩٣- (١٩) وعن النعمان بن مرة، ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما ترون في الشارب
ــ
مصدر منصوب على التمييز، قال الراغب: السرقة: أخذ ما ليس له أخذه في خفاء، وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص. (الذي يسرق من صلاته) خبر أسوأ (وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها) زاد في المسند (ج٥: ص٣١٠) : أو قال لا يقيم صلبه في الركوع والسجود. قال الطيبي: جعل جنس السرقة نوعين متعارفاً وغير متعارف، وهو ما ينقص من هذا الركن الطمأنينة، ثم جعل غير المتعارف أسوأ من المتعارف، وإنما كان أسوأ؛ لأن السارق إذا أخذ مال الغير ربما ينتفع به في الدنيا، ويستحل من صاحبه، أو تقطع يده فيتخلص من العقاب في الآخرة، بخلاف هذا السارق، فإنه سرق حق نفسه من الثواب، وأبدل منه العقاب في العقبى، وليس في يده سوى الضرر والتعقب-انتهى. والحديث يدل على افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل ترك إقامة الصلب في الركوع والسجود، وعدم إتمامهما أقبح أنواع السرق، وجعل الفاعل لذلك أسوأ من تلبس بهذه الوظيفية الخسيسة التي لا أوضع ولا أخبث منها، تنفيراً عن ذلك، وتنبيهاً على تحريمه، وقد صرح - صلى الله عليه وسلم - بعدم إجزاء صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، ونفي حقيقة الصلاة عمن لم يتم ركوعه وسجوده كما تقدم، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، كلها ترد على من لم يقل بافتراض الطمأنينة فيهما. (رواه أحمد)(ج٥: ص٣١٠) وأخرجه أيضاً الدارمي وابن خزيمة والحاكم، وقال صحيح الإسناد. والطبراني في الكبير والأوسط. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢: ص١٢٠) : رجاله رجال الصحيح، وأخرج نحوه أحمد والبزار وأبويعلى عن أبي سعيد الخدري، والطبراني في الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وصححه عن أبي هريرة، والطبراني في الثلاثة بإسناد جيد عن عبد الله بن مغفل.
٨٩٣- قوله:(عن النعمان بن مرة) الأنصاري الزرقي المدني ثقة من كبار التابعين، ووهم من عده في الصحابة. قال العسكري: لا صحبة له، وذكره البخاري ومسلم في التابعين. وقال أبوحاتم، حديثه مرسل. قال ابن عبد البر: ليس للنعمان عند مالك غير هذا الحديث. (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال ابن عبد البر: هكذا الرواية عن مالك مرسلاً، والحديث يتصل ويستند من وجوه صحاح من حديث أبي سعيد وأبي هريرة-انتهى. (ما ترون) بفتح التاء، أي تعتقدون وفي نسخة بضمها، أي تظنون، وهذا اختبار منه - صلى الله عليه وسلم - بمسائل العلم على حسب ما يختبر به العالم أصحابه، ويحتمل أنه أراد به تقريب التعليم عليهم فقرر معهم حكم قضايا يسهل عليهم ما أراد تعليمهم إياه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قصد أن يعلمهم أن الإخلال بإتمام الركوع والسجود كبيرة، وهي أسوأ حالاً مما تقرر عندهم أنه فاحشة، قاله الباجي. (في الشارب) أي للخمر.