للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثلاثة وخمسين،

ــ

بدون ذكر القبض فليس فيها أدنى إشارة إلى عدم القبض، فإنها مطلقة تحمل على الروايات التي فيها التنصيص بذكر القبض، حمل المطلق على المقيد. وأما قول ابن الهمام: إن وضع الكف مع قبض الأصابع لا يتحقق حقيقة، فالمراد وضع الكف ثم قبض الأصابع بعد ذلك للإشارة، ففيه أن ذلك إنما يتم لو كان المراد بوضع الكف اليمنى بسطها، ولا دليل على ذلك، بل في قوله: "ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها" إشعار ظاهر بقبض اليمنى من أول القعود، وإشارة بينة إلى أنه لم يبسط اليمنى مطلقاً، بل كان وضعها مع عقد الأصابع وقبضها. والحاصل أن الروايات بظاهرها تدل على المعية لا البعدية. ولو سلم أن القبض كان عند الإشارة فلا يضرنا ذلك بل يوافقنا؛ لأن ظاهر الأحاديث يدل على أن الإشارة من ابتداء الجلوس، ولم أر حديثاً صحيحاً يدل عل كون الإشارة عند قوله "لا إله إلا الله" خاصة. وأما ما ورد في بعض الروايات عند أحمد، والبيهقي من قول الصحابي في بيان فعله - صلى الله عليه وسلم - "ولكنه التوحيد" أو "إنما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك يوحد بها ربه عزوجل" أو "يشير بها إلى التوحيد" فليس فيه دليل على كون الإشارة أي رفع المسبحة عند قوله: لا إله إلا الله، بل فيه بيان حكمة الإشارة، يعني أنها للتوحيد، فإذا ثبت أن الإشارة من أول القعود وقد قالوا: إن القبض كان للإشارة ثبت أن القبض كان من ابتداء القعود وأوله، لا عند قوله: لا إله إلا الله. (ثلاثة وخمسين) وهو أن يعقد الخنصر والبنصر والوسطى، ويرسل المسبحة، ويضم الإبهام إلى أصل المسبحة مرسلة. قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث: وصورتها أن يجعل الإبهام معترضة تحت المسبحة- انتهى. وهذه هي إحدى الهيئات الواردة في وضع اليد اليمنى على الركبة اليمنى حال التشهد. والثانية: أن يقبض الأصابع كلها على الراحة، ويشير بالمسبحة، ففي رواية لمسلم من حديث ابن عمر مرفوعاً: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام. والثالثة: أن يعقد الحنصر والبنصر، ويرسل المسبحة ويحلق الإبهام والوسطى كما هو منصوص في حديث وائل ابن حجر الآتي. والرابعة: أن يضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى ويشير بالسبابة، ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى كما في حديث ابن زبير الآتي، ولا منافاة بين هذه الأحاديث لجواز وقوع الكل في الأوقات المتعددة، فيكون الكل جائزاً. قال الرافعي: الأخبار وردت بها جميعاً، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع مرة هكذا، ومرة هكذا. وقال الأمير اليماني: الظاهر أنه مخير بين هذه الهيئات- انتهى. والمختار الأحسن عند الحنفية والحنابلة هو التحليق. وقال البيهقي بعد رواية حديث وائل: ونحن نجيزه ونختار ما روينا في حديث ابن عمر، ثم ما روينا في حديث ابن الزبير لثبوت خبرهما، وقوة سندهما- انتهى. وقد رام بعضهم الجمع بين حديث ابن الزبير، ورواية العقد ثلاثة وخمسين، بأن يكون المراد بقوله: "على إصبعه الوسطى" أي وضعها قريباً من أسفل الوسطى، وحينئذٍ يكون بمعنى العقد ثلاثة وخمسين، وتكون الهيئات ثلاثة لا أربعة، وهذا هو الظاهر. وأما ما ورد في الرواية الآتية من حديث ابن عمر، وبعض روايات ابن الزبير من ذكر وضع

<<  <  ج: ص:  >  >>