وحد مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين، وحلق حلقة، ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها)) . رواه أبوداود والدارمي.
ــ
على فخذه وركبته اليسرى. (وحد مرفقة) بصيغة الماضي مشددة الدال، عطف على الأفعال السابقة و"على" بمعنى "عن"، أي رفع مرفقه عن فخذه، وجعل عظم مرفقه كأنه رأس وتد، أو "على" بمعناه و"الحد" المنع والفصل بين الشيئين، ومنه سمي المناهي حدود الله. والمعنى: فصل بين مرفقه وجنبه، ومنع أن يلتصقا في حال استعلائهما على الفخذ. وجوز أن يكون "حد" اسماً مرفوعاً مضافاً إلى المرفق على الابتداء، خبره "على فخذه" والجملة حال، أو اسما منصوباً عطفاً على مفعول "وضع" أي وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ووضع حد مرفقه اليمنى، على فخذه اليمنى، وهذا الوجه هو الموافق لما في رواية للنسائي من قوله: وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، أي جعل غاية المرفق وطرفه مستعلياً على الفخذ مرتفعاً عنه. قال الشوكاني: والمراد كما قال في شرح المصابيح: أن يجعل عظم مرفقه كأنه رأس وتد. قال ابن رسلان: يرتفع طرف مرفقه من جهة العضد عن فخذه، حتى يكون مرتفعاً عنه، كما يرتفع الوتد عن الأرض، ويضع طرفه الذي من جهة الكف على طرف فخذه الأيمن. وجوز بعضهم أنه ماض من التوحيد، أي جعل مرفقه منفرداً عن فخذه، أي رفعه، وهذا أبعد الوجوه. (وقبض ثنيتين) أي الخنصر والبنصر من أصابع يده اليمنى. (وحلق) بتشديد اللام. (حلقه) بسكون اللام وتفتح، أي جعل الإبهام والوسطى كالحلقة. (ثم رفع إصبعه) أي المسبحة كما تقدم. (فرأيته) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (يحركها) فيه أن تحريك المسبحة سنة، وقد أخذ به قوم. وذهب الجمهور إلى عدم التحريك لحديث ابن الزبير التالي، ولخلو غالب الروايات عن التحريك، قالوا: والمراد بالتحريك في حديث وائل هو حركة الإشارة لا حركة أخرى بعد الرفع للإشارة. قال البيهقي: يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها حتى لا يعارض حديث ابن الزبير. قال الشوكاني: ومما يرشد إلى ما ذكره البيهقي رواية أبي داود لحديث وائل، فإنها بلفظ: وأشار بالسبابة- انتهى. قلت: وإليه يظهر ميل النسائي حيث ترجم على رواية عبد الله بن الزبير التي فيها: أشار بالسبابة لا يجاوز بصره إشارته، بلفظ "موضع البصر عند الإشارة وتحريك السبابة" فكأنه أشار بصنيعه إلى أن المراد بتحريك السبابة حركة الإشارة، لا تكرير تحريكها؛ لأنه لم يذكر في هذا الباب رواية التحريك، بل اكتفى بذكر رواية الإشارة. وجمع بعضهم بين الروايتين بحملهما على أوقات مختلفة، فقال: كان يحركها تارة ولا يحركها أخرى. وقال بعضهم: حديث وائل أصح وأقوى من حديث ابن الزبير، وأيضاً حديث وائل مثبت وذاك ناف والمثبت مقدم على النافي فلا يجوز أن يعارض به حديث وائل. (يدعو بها) أي يشير بها، أي يرفعهما في دعائه، أي تشهده، سمي التشهد دعاء لاشتماله عليه. (رواه أبوداود) إلخ. وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة، والبيهقي. والحديث سكت عنه أبوداود، والمنذري. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.