رواه أحمد وأبوداود. وفي رواية له:((نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة)) .
ــ
السنن: الرواية الصحيحة "يديه" يعني بل يضعهما على ركبتيه وفخذيه، فالمراد بقوله: أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده، هو أن يضع يده في التشهد على الأرض، ويتكيء عليها. وقيل: هو أن يجلس الرجل في الصلاة، ويرسل اليدين إلى الأرض من فخذيه، والأول أقرب إلى اللفظ، ووجه الكراهة أن ذلك من شأن المتكبرين، وبه يزول استواء الجلوس، وظاهر النهي التحريم، وقد تقدم شيء من الكلام فيه في شرح قول ابن عمر قبل باب التشهد. (رواه أحمد)(ج٢: ص١٤٧) . (أبوداود) وسكت عنه. (وفي رواية له) أي لأبي داود. (نهى أن يعتمد) أي يتكىء. (الرجل على يديه إذا نهض) أي قام. (في الصلاة) بل ينهض على صدور قدميه من غير اعتماد على الأرض، واحتج بهذه الرواية الحنفية ومن وافقهم على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند قيامه، ويعتمد على ظهور القدمين، لكن هذه الرواية شاذة، والرواية الصحيحة هي الأولى، وذلك لأن حديث ابن عمر هذا في النهي عن الاعتماد على اليد في الصلاة. رواه أبوداود عن أربعة من شيوخه: الإمام أحمد بن حنبل، وأحمد بن محمد بن شبوية، ومحمد بن رافع، ومحمد ب عبد الملك الغزال، واللفظ الأول لفظ أحمد بن حنبل، والرواية الثانية لابن عبد الملك، ولفظ ابن شبوية: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة، ولفظ ابن رافع:"نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده"، ووضعه في باب الرفع من السجود ظناً منه أن الحديث في النهي عن الاعتماد في الرفع من السجود. والفرق بين هذه الروايات أن رواية ابن شبوية وابن رافع مطلقة، يعني أنها تدل على النهي عن الاعتماد على اليد في الصلاة مطلقاً، سواء كان في الجلوس أو النهوض، وإن كان ذكر ابن رافع حديثه في "باب الرفع من السجود" يدل على أنه حمله على حالة النهوض من السجود، لكن لفظ الحديث عام، والظاهر أن المراد منه أن يضع يديه على ركبتيه بعد الرفع من السجدة، وأما رواية أحمد بن حنبل فهي مقيدة بحالة الجلوس، فإنها تدل على أن النهي عن الاعتماد على اليد في حالة الجلوس، يعني إذا جلس في الصلاة سواء كان في التشهدين أو بين السجدتين، أو في جلسة الاستراحة، فلا يعتمد على يديه، وكذا رواية ابن عبد الملك أيضاً مقيدة لكن بحالة النهوض، وهي تدل على أن النهي عن الاعتماد على اليد في حالة النهوض من السجود، فقد تعارض القيدان، والحديث واحد، ورواية ابن عبد الملك شاذة لمخالفته من هو أوثق منه، وهو الإمام أحمد بن حنبل، فإنه إمام ثقة، مشهور العدالة، ومحمد بن عبد الملك- وهو ابن زنجويه البغدادي أبوبكر الغزال- وإن وثقة النسائي لكنه دون أحمد بن حنبل بمراتب، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة عبد الملك عن ابن أبي حاتم أنه قال: وهو صدوق، وقال مسلمة: ثقة، كثير الخطأ- انتهى. فلا شك أن أحمد بن حنبل أقوى وأوثق من ابن عبد الملك، فتقدم روايته لكونها أرجح على رواية ابن عبد الملك. ويرجح رواية الإمام أحمد أيضاً ما في البخاري من حديث مالك بن الحويرث بلفظ: واعتمد على الأرض، وعند الشافعي: واعتمد بيديه على الأرض، والله أعلم. ثم رأيت الشيخ أحمد محمد شاكر قد بسط الكلام في شرح هذا