ذلك من الله تعالى. والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة، وقيل: صلاة الله على خلقه تكون خاصة، وتكون عامة. فصلاته على أنبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم، وصلاته على غيرهم الرحمة، فهي التي وسعت كل شيء. قال: وقال الحليمي: معنى الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - تعظيمه، فمعنى قولنا: اللهم صل على محمد: عظم محمداً، والمراد تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته، وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود. وعلى هذا فالمراد بقوله:"صلوا عليه" ادعوا ربكم بالصلاة عليه- انتهى. ولا يعكر عليه عطف "آله وأزواجه، وذريته" عليه، فإنه لا يمتنع أن يدعى لهم بالتعظيم، إذ تعظيم كل أحد بحسب ما يليق به. وما تقدم عن أبي العالية أظهر، فإنه يحصل به استعمال لفظ الصلاة بالنسبة إلى الله، وإلى ملائكته، وإلى المؤمنين المأمورين بذلك بمعنى واحد- انتهى كلام الحافظ مختصراً. واعلم أنهم اختلفوا في أن الأمر في قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً}[٣٣: ٥٦] هل هو للندب أو للوجوب؟ ثم هل الصلاة عليه فرض عين أو فرض كفاية؟ ثم هل تتكرر كلما سمع ذكره أم لا؟ وإذا تكرر هل تتداخل في المجلس أم لا؟ فذهب ابن جرير الطبري إلى أن الصلاة عليه من المستحبات. وقيل: إنها تجب في العمر مرة في صلاة أو في غيرها، وهي مثل كلمة التوحيد، قاله أبوبكر الرازي من الحنفية، وابن حزم، وغيرهما، فهي عندهم فرض بالجملة، ولا تتعين في الصلاة، ولا في وقت من الأوقات، ومن صلى عليه مرة واحدة في عمره فقد سقط فرض ذلك عنه، وبقي مندوباً إليه في سائر عمره مقدار ما يمكنه، وبهذا عرف أن الصلاة عليه في التشهد الأخير من الصلاة سنة مستحبة عندهم، وإليه ذهب أبوحنفية ومالك والثوري. وقيل: تجب في القعود آخر الصلاة بين قول التشهد وسلام التحلل، قاله الشافعي وأحمد ومن تبعهما، فهي عندهم من فرائض الصلاة وأركانها. والفرض منها عندهم متعين في الصلاة. وقيل: تجب في الصلاة من غير تعيين المحل، نقل ذلك عن أبي جعفر الباقر. وقيل: يجب الإكثار منها من غير تقييد بعدد، قاله أبوبكر بن بكير من المالكية. وقيل: كلما ذكر، قاله الطحاوي، وجماعة من الحنفية، والحليمي، وجماعة من الشافعية. وقال ابن العربي من المالكية: إنه الأحوط، وكذا قال الزمخشري. وقال في الدر المختار: اختلف الطحاوي والكرخي في وجوبها على السامع والذاكر كلما ذكر، والمختار عند الطحاوي تكرار الوجوب كلما ذكر، ولو اتحد المجلس في الأصح، لا لأن الأمر يقتضى التكرار، بل؛ لأنه تعلق وجوبها بسبب متكرر، وهو الذكر فيتكرر بذكره، وتصير ديناً بالترك فتقضي؛ لأنها حق عبدكالتشميت، بخلاف ذكر الله تعالى. والمذهب استحباب التكرار، وعليه الفتوى، والمعتمد قول الطحاوي، كذا ذكره الباقاني تبعاً لما صححه الحلبى وغيره، ورجحه في البحر بأحاديث الوعيد كرغم، وإبعاد، وشقاء، وبخل، وجفاء- انتهى. وقيل: تجب في مجلس مرة، ولو تكرر ذكره مراراً، حكاه الزمخشري. وقيل: في كل دعاء، حكاه أيضاً. هذا إجمال الكلام في معنى الصلاة على