للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه النسائي.

٩٢٩- (٥) وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة)) . رواه الترمذي.

ــ

في الجزاء إن كانت بمعنى الغفران فيكون من باب المشاكلة من حيث اللفظ، وإن كانت بمعنى التعظيم فيكون من الموافقة لفظاً ومعنى، وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران، أي مع الحط. ومعنى الأعداد المخصوصة محمول على المزيد والفضل في المعنى المطلوب، كذا في المرقاة. قال ابن العربي: إن قيل قد قال الله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [٦: ١٦٠] فما فائدة هذا الحديث؟ قلنا: أعظم فائدة، وذلك أن القرآن اقتضى أن من جاء بحسنة تضاعف عشرة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حسنة، فمقتضى القرآن أن يعطي عشر درجات في الجنة، فأخبر أن الله تعالى يصلي على من صلى على رسوله عشراً، وذكر الله العبد أعظم من الحسنة مضاعفة، قال: ويحقق ذلك أن الله تعالى لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره وكذلك جعل جزاء ذكر نبيه ذكره لمن ذكره. قال العراقي: ولم يقتصر على ذلك حتى زاده كتابة عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفعه عشر درجات كما ورد في الأحاديث. (رواه النسائي) وأخرجه أيضاً أحمد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه (ج١: ص٥٥٠) وقال صحيح الإسناد. وأقره الذهبي، وله شواهد من حديث سعيد بن عمر الأنصاري عند أبي نعيم في الحلية، ومن حديث أبي بردة بن نيار، وأبي طلحة، كلاهما عند النسائي، ورواتهما ثقات، ومن حديث البراء بن عازب عند ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة عن مولى للبراء لم يسمه عنه.

٩٢٩- قوله: (أولى الناس بي يوم القيامة) أي أقربهم مني في القيامة، وأحراهم باللحوق بي، وأحقهم بالفوز بشفاعتي. قال الطيبي: يعني أخص أمتي، وأقربهم مني، وأحقهم بشفاعتي، من الولى بمعنى القرب، وضمن معنى الاختصاص فعدى بالباء. (أكثرهم على صلاة) أي في الدنيا، وذلك؛ لأن الاستكثار من الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - يورث المحبة وهي تورث الاتحاد، وقال المناوي: لأن كثرة الصلاة عليه تدل على صدق المحبة وكمال الوصلة، فتكون منازلهم في الآخرة منه بحسب تفاوتهم في ذلك-انتهى. قال ابن حبان في صحيحه عقب هذا الحديث: فيه بيان أن أولاهم به - صلى الله عليه وسلم - في القيامة أصحاب الحديث، إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم. وقال الخطيب البغدادي: قال لنا أبونعيم: هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها؛ لأنه لا يعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما يعرف لهذه العصابة نسخاً وذكراً، يعني كتابة وقولاً. (رواه الترمذي) وقال هذا حديث حسن غريب، وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية موسى بن يعقوب الزمعي عن عبد الله بن كيسان الزهري، وموسى هذا وثقة ابن معين وابن القطان، وقال الآجري عن أبي داود: هو صالح، وقال ابن عدي: لا بأس به عندي ولا برواياته.

<<  <  ج: ص:  >  >>