والسماحة. قال: قلت: أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. قال: قلت: أي الإيمان أفضل؟ قال: خلق حسن، قال: قلت: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت. قال: قلت: أي الهجرة أفضل؟ قال: أن تهجر ما كره ربك. قال: قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهريق دمه. قال: قلت: أي الساعات أفضل؟ قال: جوف الليل الآخر)) .
ــ
الطاعة وعن المعصية وفي المعصية (والسماحة) أي السخاوة بالزهد في الدنيا والإحسان والكرم للفقراء، وقال الطيبي: فسر الإيمان بالصبر والسماحة لأن الأول يدل على ترك المنهيات، والثاني يدل على فعل المأمورات، كما فسره الحسن البصري بقوله: الصبر عن معصية الله، والسماحة على أداء فرائض الله، ثم جمع هاتين الخصلتين بالخلق الحسن، بناءً على ما قالت الصديقة:((كان خلقه القرآن)) ، أي يأتمر بما أمره الله، وينتهي عما نهى الله عنه، ويجوز أن يحملا على الإطلاق، ويكون قوله ((خلق حسن)) بعد ذكرهما كالتفسير له؛ لأن الصبر على أذى الناس والسماحة بالموجود يجمعهما الخلق الحسن - انتهى. (أي الإسلام أفضل) أي أيّ ذوي الإسلام وأهله أكثر ثواباً (أي الإيمان) أي أخلاقه أو خصاله أو شعبه (خلق حسن) بضم اللام وتسكن، وهو صفة جامعة للخصال السنية والشمائل البهية، والخلق: ملكة تصدر بها الأفعال عن النفس بسهولة من غير سبق روية، وتنقسم إلى فضيلة وهي الوسط، ورذيلة وهي الأطراف. (أي الصلاة أفضل) أي أركانها أو كيفياتها (قال: طول القنوت) أي القيام أو القراءة أو الخشوع، والأول أظهر. واختلف العلماء في أن طول القيام أفضل أو كثرة السجود، ويأتي الكلام فيه في الصلاة (أي الهجرة) أي أفرادها (أفضل) فإن الهجرة أنواع، إلى الحبشة عند إيذاء الكفارة للصحابة، ومن مكة إلى المدينة، وفي معناه الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وهجرة القبائل لتعلم المسائل من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والهجرة عما نهى الله عنه (أن تهجر ما كره ربك) فهذا النوع هو الأفضل؛ لأنه الأعم الأشمل (فأي الجهاد أفضل) أي أنواعه أو أهله، وهو الظاهر (من عقر) بصيغة المجهول (جواده) أي قتل فرسه (وأهريق دمه) بضم الهمزة وسكون الهاء، أي صب وسكب، يقال: أراق يريق، وهراق يهريق، بقلب الهمزة هاء، وأهراق يهريق بزيادتها، كما زيدت السين في استطاع، والهاء في مضارع الأول محركة وفي مضارع الثاني ساكنة، كذا قاله صاحب الفائق. وإنما كان هذا الجهاد أفضل لجمعه بين الإنفاق في سبيل الله، والشهادة في مرضاة الله (جوف الليل الآخر) صفة جوف أي النصف الأخير من الليل، وقيل: المراد به وسط النصف الثاني، وهو السدس الخامس من أسداس الليل، وهو الوقت الذي ورد فيه النُزول الإلهي، وفي رواية لأحمد (ج٤: ص١٨٧) : ((جوف الليل الآخر أجوبه دعوة)) ، وروى الترمذي عن عمرو بن عبسة مرفوعاً: ((أقرب ما يكون الرب من العبد في