للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا صلى علينا أهل البيت، فليقل: اللهم صل على محمد النبي الأمي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته،

ــ

ثواباً. وفيه الترغيب العظيم إلى أن تكون الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - على تلك الصفة، وقد تقدم الكلام في ذلك فتذكر. وقيل: لو حلف أحد أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بالصفة المذكورة في حديث كعب بن عجرة، أو أبي حميد، أو أبي سعيد الخدري عند البخاري؛ لأن تعليمه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه الكيفية بعد سؤالهم عنها يدل على أنها أفضل كيفيات الصلاة عليه؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل، والذي يرشد إليه الدليل أن البر يحصل بما في حديث أبي هريرة هذا لقوله: من سر أن يكال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا-الحديث. (إذا صلى علينا أهل البيت) الأشهر فيه النصب على الاختصاص، ويجوز إبداله من ضمير "علينا" وقيل: هو عطف بيان منه فيكون مجروراً في هاتين الصورتين. (فليقل) قال الطيبي: قوله "إذا صلى" شرط، جزائه "فليقل" ويجوز أن يكون "إذا" ظرفاً والعامل "فليقل" على مذهب من قال: إن ما بعد الفاء الجزائية يعمل فيما قبلها كما في قوله تعالى: {لإيلاف قريش} [١٠٦: ١] ، فإنه معمول لقوله: {فليعبدوا} . (النبي) بالإدغام، ويجوز فيه الهمزة، وهو فعيل بمعنى الفاعل أو المفعول من النبأ بمعنى الخبر، أو من النبوة بمعنى الرفعة، واللام هنا للعهد، واختير النبوة على الرسالة لعموم أحواله، أو للمبالغة، فإنه إذا كان يستحق الصلاة بصفة النبوة فبالأولى أن يستحق بصفة الرسالة. (الأمي) منسوب إلى الأم وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، كأنه على أصل ولادة أمه بالنسبة إلى الكتابة وقراءة الخط. قال أبوالسعود: نسبة إلى الأم كأنه باقٍ على حالته التي ولد عليها لا يقرأ الخط ولا يكتب، وقد جمع مع ذلك العلوم الباهرة. قال تعالى: {وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون} [٢٩: ٤٨] . وقيل: نسبة إلى الأمة وهي أمة العرب، وذلك لأن العرب لا تحسب ولا تكتب، ومنه الحديث: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب. وقيل: نسبة إلى أم القرى، وهي مكة، والأول أولى، وكونه أمياً من أكبر معجزاته وأعظمها. قال السيد الغبريني المقري شارح البردة: إن كونه أمياً معجزة له كما قرروه، حتى لا يرتاب أحد في كلام الله، يرد عليه أنه لو تم قيل عليه: لم خلق أفصح الناس ولم يخلق غير فصيح؟ حتى يعلم أن ما يتلوه من الكلام المعجز ببلاغته ليس كلامه. قال الشهاب في الريحانة: قوله هذا ليس بشيء؛ لأن الأمية سابقة في أكثر فصحاء العرب، وهم في غناء عن الكتابة، وأما عدم الفصاحة فلكنة وعيب عظيم، منزه عنه، عال مقامه، وطاهر فطرته وجوهر جلبته-انتهى. وهل صدر عنه ذلك في كتابة صلح الحديبية كما هو ظاهر الحديث المشهور أو أنه لم يكتب؟ وإنما أسند إليه مجازاً، وقيل: إنه صدر عنه ذلك على سبيل المعجزة، وتفصيله في فتح الباري. (وأزواجه) أي نساءه الطاهرات. (أمهات المؤمنين) أي من جهة التعظيم والتكريم. (وذريته) أي أولاده وأحفاده، قال في المجمع: الذرية اسم

<<  <  ج: ص:  >  >>