للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه البيهقي في شعب الإيمان.

ــ

وعلى ندب السفر لمجرد قصد الزيارة، لكن الحديث ضعيف جداً لا يجوز الاحتجاج به أصلاً لما عرفت ولما ستعرف. ولأن لفظ هذا الحديث مختلف، فاللفظ المذكور يدل على إثبات السماع عند القبر، وقد روي عن أبي هريرة نفسه ما يدل على عدم السماع عند القبر، فقد روى البيهقي في شعب الإيمان: أخبرنا أبوعبد الله الحافظ: حدثنا أبوعبد الله الصفار إملاء حدثنا محمد بن موسى البصري: حدثنا عبد الملك بن قريب: حدثنا محمد بن مروان- وهو يتيم لبني السدي- عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد يسلم علي عند قبري إلا وكل الله به ملكاً يبلغني وكفى أمر آخرته ودنياه، وكنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة". وقال أبوالحسين بن سمعون: حدثنا عثمان بن أحمد بن يزيد: حدثنا محمد ابن موسى: حدثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي: حدثني محمد بن مروان السدي، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى علي عند قبري وكل الله به ملكاً يبلغني، وكفى أمر دنياه وآخرته، وكنت له يوم القيامة شهيداً أو شفيعاً". وليس أحد من اللفظين أي اللفظ الدال على السماع عند القبر، واللفظ الآخر الدال على عدم السماع عند القبر أولى وأرجح من الآخر، فإن مدار الروايتين كلتيهما على محمد بن مروان السدي، وهو متروك الحديث، متهم بالكذب، فتساقطت الروايتان جميعاً. ولأن حديث أبي هريرة هذا قد عارضه أحاديث كثيرة حسنة، مروية في السنن، والمسانيد، والمعاجم، كحديث أبي هريرة عند أبي داود، وحديث الحسين بن علي بن أبي طالب، وحديث علي بن أبي طالب عند الضياء المقدسي ونحو ذلك، فإنها متفقة على أن من صلى عليه من أمته فإن ذلك يبلغه ويعرض عليه، سواء كان المصلي حاضرا عند قبره قريباً منه، أو غائباً بعيداً، وليس في شيء منها أنه يسمع صوت المصلي عليه بنفسه، إنما فيها أنه يعرض عليه ويبلغه من غير فرق بين القريب والبعيد. ولأنه ينافيه ما تقدم من النهي عن اتخاذ قبره عيداً، والأمر بالصلاة عليه حيث ما كان المصلي، ولأنه يخالفه حديث النهي عن شد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد؛ لأن تحصيل مزية الصلاة عليه عند قبره لا يتيسر لمن كان على مسافة بعيدة منه إلا بالسفر إليه. وقد نهى عن شد الرحل إلى بقعة غير المساجد الثلاثة. (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أيضاً أبوبكر بن أبي شيبة، والعقيلي، والطبراني كلهم من رواية العلاء بن عمرو الحنفي، عن أبي عبد الرحمن، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال البيهقي: أبوعبد الرحمن هذا هو محمد بن مروان السدي فيما أرى، وفيه نظر-انتهى. قلت: هذا الحديث واه جداً لا يحتج به، فإن العلاء بن عمرو ضعيف، لا يجوز الاحتجاج به، وأبوعبد الرحمن محمد بن مروان السدي الصغير متروك الحديث، متهم بالكذب، وأخرجه أبوالشيخ في كتاب الثواب من رواية أبي معاوية عن الأعمش، وهو خطأ فاحش، وإنما هو محمد بن مروان السدي، وقد تفرد به. قال الحافظ محمد بن عبد الهادي المقدسي في الصارم المنكي: إسناده لا يحتج به فإنه لا يعرف إلا من حديث محمد بن مروان السدي الصغير عن الأعمش كما ظنه البيهقي، وما ظنه في هذا هو متفق عليه عند أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>