للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأعوذ بك من أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وعذاب القبر)) . رواه البخاري.

٩٧٢- (٧) وعن أبي هريرة، قال: ((إن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: قد ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم. فقال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم،

ــ

النفع إلى الغير بالمال، أو العلم، أو غيرهما، ولو بالنصيحة. قال الطيبي: الجود إما بالنفس وهو الشجاعة، ويقابله الجبن، وإما بالمال وهو السخاوة، ويقابله البخل، ولا تجتمع الشجاعة والسخاوة إلا في نفس كاملة، ولا ينعدمان إلا من متناه في النقص. (وأعوذ بك من أرذل العمر) بضم الميم وسكونها لغتان، أي رديئة، وهو ما ينتقص فيه القوى الظاهرة والباطنة، فيصير كالطفل في سخف العقل، وقلة الفهم، وضعف القوة، وفي رواية البخاري: وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر. قال العيني: أي عن الرد، وكلمة "أن" مصدرية، و"أرذل العمر" هو الخرف، يعني يعود كهيئة الأولى في أو أن الطفولية، ضعيف البنية، سخيف العقل، قليل الفهم، ويقال أرذل العمر أردأه، وهو حالة الهرم والضعف عن أداء الفرائض، وعن خدمة نفسه فيما يتنظف فيه، فيكون كلاً على أهله، ثقيلا بينهم يتمنون موته، فإن لم يكن له أهل فالمصيبة أعظم. (وأعوذ بك من فتنة الدنيا) بأن تتزين للسالك، وتغره، وتنسيه الآخرة، ويأخذ منها زيادة على قدر الحاجة، وقال الأمير اليماني: فتنة الدنيا هي الافتتان بشهواتها، وزخارفها حتى تلهيه عن القيام بالواجبات التي خلق لها العبد. (وعذاب القبر) أي من موجبات عذابه، وإنما خص - صلى الله عليه وسلم - هذه المذكورات بالتعوذ منها؛ لأنها من أعظم الأسباب المؤدية إلى أنواع الشرور والمعاصي، وترك العبادات الظاهرة والباطنة، وأما طول العمر مع سلامة القوي والحواس فسعادة عظيمة للمؤمن المطيع. (رواه البخاري) في الجهاد، وفي الدعوات، وأخرجه أيضاً الترمذي في الدعوات، والنسائي في الاستعاذة.

٩٧٢- قوله: (إن فقراء المهاجرين) فيهم أبوذر كما عند أبي داود. (قد ذهب أهل الدثور) بضم الدال المهملة والمثلثة، جمع دثر-بفتح الدال وسكون المثلثة- أي أهل الأموال، والدثر يجيء بمعنى المال الكثير وبمعنى الكثير من كل شيء. (بالدرجات العلى) بضم العين جمع العلياء، وهي تأنيث الأعلى، والباء للتعدية، وقال الطيبي: للمصاحبة، يعني ذهب أهل الأموال بالدرجات العلى، واستصحبوها معهم في الدنيا والآخرة، ومضوا بها ولم يتركوا لنا شيئاً منها، فما حالنا؟ يا رسول الله! والدرجات يحتمل أن يكون حسية، والمراد الدرجات العالية في الجنة، أو معنوية، والمراد علو القدر عند الله تعالى. (والنعيم المقيم) أي وبالعيش الدائم المستحق بالصدقة. قال الطيبي: فيه تعريض بالنعيم العاجل، فإنه على وشك الزوال. (فقال: وما ذاك؟) أي ما سبب سؤالكم هذا؟ أو ما سبب فوزهم وحيازهم دونكم؟. (ويصومون كما نصوم) زاد في حديث أبي الدرداء عند النسائي في عمل اليوم والليلة "ويذكرون كما نذكر" وللبزار من

<<  <  ج: ص:  >  >>