من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، بيده الخير، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتب له بكل واحدة عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت له حرزاً من كل مكروه، وحرزاً من الشيطان الرجيم، ولم يحل لذنب أن يدركه إلا الشرك، وكان من أفضل الناس عملاً، إلا رجلاً يفضله، يقول أفضل مما قال) .
ــ
(من صلاة المغرب والصبح) تنازع فيه الفعلان، وفي حديث عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر عند الترمذي: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم. قال الجزري: أي عاطف رجليه في التشهد قبل أن ينهض. وقوله:"من قال قبل أن يثنى رجليه" هذا ضد الأول في الأول ومثله في المعنى؛ لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالته التي هو عليها في التشهد. (كتب له بكل واحدة) أي من المرات أو من الكلمات. (ومحيت عنه عشر سيئات) والمحو أبلغ من الغفران. (ورفع له عشر درجات) يجوز في مثل هذا تذكير الفعل وتأنيثه، ولذا ذكر الفعل فيها وفي القرينة الأولى، أما التأنيث فلاكتساب لفظ عشر التأنيث من الإضافة، وأما التذكير فبظاهر اللفظ. (وكانت) أي الكلمات. (له) أي للقائل وليس هذا اللفظ في المسند. (حرزاً) حفظاً. (من كل مكروه) من الآفات. (وحرزاً من الشيطان الرجيم) تخصيص بعد تعميم لكمال الاعتناء به، وفي حديث أبي ذر: وكان. (أى القائل) يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان. (ولم يحل) بكسر الحاء المهملة وتشديد اللام، وفي حديث أبي ذر: لم ينبغ أي لم يجز. (لذنب أن يدركه) أي يهلكه ويبطل عمله، زاد في حديث أبي ذر: في ذلك اليوم. (إلا الشرك) أي إن وقع منه، وهو بالرفع، قال الطيبي: فيه استعارة ما أحسن موقعها فإن الداعي إذا دعا بكلمة التوحيد فقد أدخل نفسه حرماً آمناً فلا يستقيم للذنب أن يحل ويهتك حرمة الله، فإذا خرج عن حرم التوحيد أدركه الشرك لا محالة، والمعنى لا ينبغي لذنب أي ذنب كان أن يدرك الداعي ويحيط به من جوانبه، ويستأصله سوى الشرك كما قال تعالى. {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته}[٨١:٢] يعني استولت عليه، وشملت جملة أحواله حتى صار كالمحاط بها، لا يخلو عنها شيء من جوانبه، وهذا إنما يصح في شأن المشرك؛ لأن غيره إن لم يكن له سوى تصديق قلبه وإقرار لسانه فلم يحط به –انتهى. وقيل: المعنى لم يؤاخذ بذنبه إلا بذميمة الشرك. قال الله تعالى. {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[١١٦:٤] . (إلا رجلاً يفضله) فيه دليل على أن الزيادة على العدد المذكور لا تكون مزيلة لذلك الثواب، بل تكون سبباً لزيادة الأجر. (يقول) بدل أو بيان لقوله "يفضله" وقوله: (أفضل مما قال) يحتمل أنه يدعو به أكثر، وأنه يأتي بدعاء أو قراءة أكثر منه، قاله الطيبي.