للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما استطاع، فإن الشيطان يدخل)) رواه مسلم.

٩٩٣- (٩) وفي رواية البخاري عن أبي هريرة، قال: ((إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع ولا يقل: ها، فإنما ذلكم من الشيطان

ــ

المضارعة وكسر الظاء، أي ليحبس التثاؤب وليدفعه وليمسكه بضم الشفتين وتطبيق السن، وإن لم يقدر فبوضع اليد على الفم. (ما استطاع) أي ما أمكنه. وفي رواية لأبي داود: فليمسك على فيه. وفي حديث أبي هريرة عند البخاري: فليرده ما استطاع. قال الحافظ: أي يأخذ في أسباب رده، وليس المراد به أنه يملك دفعه؛ لأن الذي وقع لا يرد حقيقة. وقيل: معنى إذا تثاءب إذا أراد أن يتثاءب. وجوز الكرماني: أن يكون الماضي فيه بمعنى المضارع- انتهى. وفي رواية الترمذي: فليضع يده على فيه. وهذا يتناول ما إذا انفتح بالتثاؤب فيغطي بالكف ونحوه، وما إذا كان منطبقاً حفظاً له عن الانفتاح بسبب ذلك، وفي معنى وضع اليد على الفم وضع الثوب ونحوه ما يحصل ذلك المقصود، ويستثنى ذلك من النهي عن وضع المصلي يده على فمه. ومما يؤمر به المتثاءب في الصلاة أن يمسك عن القراءة حتى يذهب عنه، لئلا يتغير نظم قراءته. وأسند ابن أبي شيبة نحو ذلك عن مجاهد وعكرمة والتابعين المشهورين. (فإن الشيطان يدخل) أي فيه. قال الحافظ: يحتمل أن يراد به الدخول حقيقة، وهو وإن كان يجري من الإنسان مجرى الدم لكنه لا يتمكن منه ما دام ذاكر الله تعالى، والمتثاءب في تلك الحالة غير ذاكر، فيتمكن الشيطان من الدخول فيه حقيقة، ويحتمل أن يكون أطلق الدخول وأراد التمكن منه؛ لأن من شأن من دخل في شيء أن يكون متمكناً منه. (رواه مسلم) في كتاب الزهد في أواخر صحيحه، وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود في الأدب، والبيهقي.

٩٩٣- قوله: (وفي رواية البخاري) بالإضافة. (إذا تثاءب أحدكم) أي أحس بالتثاؤب. (فليكظم ما استطاع) أي بالضم أو الوضع. (ولا يقل: ها) بل يدفعه بالفعل. و"ها" مقصورة من غير همز حكاية صوت المتثاءب، والمعنى لا يصوت عند التثاؤب، كما يفعله بعض من لا يضبط حاله في التثاؤب. (فإنما ذلكم) أي التثاؤب وقيل: قولكم: "ها". (من الشيطان) أي من حمله عليه. قال ابن بطال: إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة، أي إن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائباً؛ لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب. وقال ابن العربي: قد بينا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان؛ لأنه واسطته، وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملك؛ لأنه واسطته. قال: والتثاؤب من الامتلاء، وينشأ عنه التكاسل، وذلك بواسطة الشيطان. وقال النووي: أضيف التثاؤب إلى الشيطان؛ لأنه يدعوا إلى الشهوات، إذ يكون عن ثقل البدن

<<  <  ج: ص:  >  >>