قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا، فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته فوجدته يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي حتى إذا قضى صلاته، قال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا تتكلموا في الصلاة، فرد علي السلام، وقال: إنما الصلاة لقراءة القرآن وذكر الله، فإذا كنت فيها فليكن ذلك شأنك)) رواه أبوداود.
ــ
الصلاة قال: إن الله عزوجل يحدث من أمره ما يشاء، وإن الله تعالى قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة، فرد علي السلام-انتهى. (قبل أن نأتي أرض الحبشة) أي نهاجر إليها من مكة. (فيرد علينا) أي السلام نطقاً وقولاً. (فلما رجعنا من أرض الحبشة) أي إلى المدينة على ما هو الراجح. (فسلمت عليه) استصحاباً لما كان من حل الكلام في الصلاة. (فلم يرد علي) أي السلام باللفظ. (حتى إذا قضى الصلاة) أي أداها وكملها. (إن الله يحدث) أي يظهر. (من أمره) أي شأنه أو أوامره. (وإن مما أحدث) أي جدد من الأحكام، بأن نسخ حل الكلام في الصلاة بقوله ناهياً عنه. (أن لا تتكلموا في الصلاة) ويحتمل كون الأحداث في تلك الصلاة أو قبلها، كذا قال القاري. (فرد علي) بتشديد الياء. (السلام) أي باللفظ بعد فراغه من الصلاة وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز لمن سلم عليه في الصلاة أن يرد السلام فيها نطقاً وقولاً، وعلى أنه يستحب له أن يرد باللفظ بعد الفراغ من الصلاة، ولا دليل فيه على منع الرد في الصلاة بالإشارة، بل مرسل ابن سيرين عند ابن أبي شيبة يدل صريحاً على أنه - صلى الله عليه وسلم - رد السلام على ابن مسعود في هذه القصة بالإشارة كما تقدم. (إنما الصلاة) أي موضوعة. (لقراءة القرآن وذكر الله) أي الشامل للدعاء. قال القاري: وفي بعض النسخ بفتح اللام ورفع القراءة والذكر. وفي نسخة: إنما الصلاة قراءة القرآن وذكر الله. (فإذا كنت فيها) أي في الصلاة. (فليكن ذلك) إشارة إلى ما ذكر من القراءة وذكر الله وهو اسم فليكن، وخبره:(شأنك) بالنصب أي حالك المهم، لا غير ذلك من التكلم وغيره. قال الطيبي: الشأن الحال والأمر والخطب، والجمع شئون، ولا يقال إلا في ما يعظم من الأحوال والأمور. (رواه أبوداود) فيه نظر؛ لأن هذه الألفاظ ليست في أبي داود كما قدمنا. وفيه أيضاً ما قال ميرك: أن أبا داود لم يخرج قوله: إنما الصلاة لقراءة القرآن الخ من حديث عبد الله بن مسعود، بل أخرجه من حديث معاوية بن الحكم السلمي في حديث طويل، والذي أوقع صاحب المشكاة في هذا الخبط إيراد صاحب المصابيح بعد قول عبد الله بن مسعود: فرد علي السلام وقال: إنما الصلاة الخ فظن صاحب المشكاة أنه من تتمه حديث ابن مسعود عطفاً على قوله "فرد" وليس كذلك، ومقصود صاحب المصابيح إيراد حديث آخر كعادته، والله تعالى أعلم –انتهى.