١٠٠٣- (١٩) وعن أنس، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أنس اجعل بصرك حيث تسجد))
ــ
وفي رواية النسائي "فإذا صرف وجهه" أي بالالتفات إلى مالا يتعلق بالصلاة. (انصرف عنه) أي أعرض عنه بقطع الرحمة المسببة عن الإقبال على الصلاة. وقال ابن مالك: المراد منه قلة الثواب. (رواه أحمد) في (ج٥ ص١٧٢)(وأبوداود) وسكت عنه. (والنسائي والدارمي) وأخرجه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي (ج٢ ص٢٨١) ، والحاكم (ج١ ص٢٣٦) ، وصححه كلهم من طريق الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر. قال المنذري في الترغيب: وأبوالأحوص هذا لا يعرف اسمه ولم يرو عنه غير الزهري، وقد صحح له الترمذي وابن حبان وغيرهما- انتهى. وقال ابن عبد البر: هو مولى بني غفار، إمام مسجد بني ليث. قال ابن معين: أبوالأحوص الذي حدث عنه الزهري ليس بشيء، وذكره ابن حبان في الثقات، وليس لقول ابن معين هذا أصل إلا كونه انفرد الزهري بالرواية عنه. قال ابن عبد البر: قد تناقض ابن معين في هذا، فإنه سئل عن ابن أكيمة، وقيل له: إنه لم يرو عنه غير ابن شهاب، فقال: يكفيه قول ابن شهاب، حدثني ابن أكيمة، فيلزمه مثل هذا في أبي الأحوص؛ لأنه قال في حديث الباب سمعت أباالأحوص. وقال أبوأحمد الكرابيسي: ليس بالمتين عندهم. وذكره ابن حبان في الثقات، كذا في تهذيب التهذيب (ج١٢ ص٥) وقال في التقريب: أبوالأحوص مولى بني ليث أو غفار مقبول من أوساط التابعين لم يرو عنه غير الزهري- انتهى. وقال النووي في الخلاصة: هو فيه جهالة لكن الحديث لم يضعفه أبوداود فهو حسن عنده- انتهى.
١٠٠٣- قوله:(اجعل بصرك حيث تسجد) الحديث بظاهره يدل على استحباب النظر إلى موضع السجود في سائر الصلاة، وعليه عمل الشافعية، كما يدل عليه كلام البيضاوي في تفسير قوله تعالى:{الذين هم في صلاتهم خاشعون}[٢:٢٣] ، وهو مذهب أحمد كما في المغني (ج١ ص٦٦٤) ، والشافعي، كما قاله ابن حجر وغيره. لكن قال الطيبي: يستحب للمصلي أن ينظر في القيام إلى موضع سجوده، وفي الركوع إلى ظهر قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي التشهد إلى حجره- انتهى. وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه مع زيادة أن ينظر في السلام إلى منكبيه كما في النهاية شرح الهداية. قلت: وذهب مالك إلى أن يكون نظر المصلي إلى جهة القبلة. وإليه يظهر ميل البخاري حيث قال في صحيحه: باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، وذكر فيه أحاديث تدل على ذلك. قال الحافظ في الفتح: قال الزين بن المنير: نظر المأموم إلى الإمام من مقاصد الائتمام، فإذا تمكن من مراقبته بغير التفات كان ذلك من إصلاح صلاته. وقال ابن بطال: فيه حجة لمالك في أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة. وقال الشافعي والكوفيون: يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده؛ لأنه أقرب إلى الخشوع.