٥٤- (٦) وفي رواية ابن عباس: ((ولا يقتل حين يقتل وهو مؤمن)) . قال عكرمة: قلت لابن عباس: كيف ينزع الإيمان منه؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه ثم أخرجها، فإن تاب عاد إليه هكذا، وشبك بين أصابعه، وقال أبوعبد الله: لا يكون هذا مؤمناً تاماً، ولا يكون له نور الإيمان، هذا لفظ البخاري.
ــ
والتكرير للتوكيد والمبالغة، أي أحذركم من فعل هذه الأشياء المذكورة. (متفق عليه) إلا قوله: ((ولا يغل)) فإنه من إفراد مسلم، والحديث أخرجه البخاري في المطاعم والأشربة والحدود والمحاربين، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أيضاً الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وفي الباب عن جماعة من الصحابة، ذكر أحاديثهم الهيثمي في مجمع الزوائد.
٥٤- (وفي رواية ابن عباس) أي في حديثه زيادة، وحديث ابن عباس هذا، أخرجه البخاري في المحاربين وفي الحدود (ولا يقتل) أي القاتل مؤمناً بغير حق (قال عكرمة) بكسر أوله وسكون الكاف وكسر الراء المهملة، هو عكرمة أبوعبد الله المدني مولى ابن عباس، أصله بربري، وهو أحد الأئمة الأعلام وأحد فقهاء مكة وتابعيها. قال في التقريب: ثقة، ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة، من أوساط التابعين، مات بالمدينة سنة (١٠٧) وقيل غير ذلك، وله ثمانون سنة، روى عنه خلق كثير. وبسط ترجمته الحافظ في تهذيب التهذيب (ج٧: ص٢٦٣،٢٧٣) من أحب البسط والتفصيل رجع إليه. (كيف ينزع) بضم الياء وفتح الزاي المعجمة (الإيمان منه) عند ارتكابه هذه الكبائر (قال: هكذا) أي تفسيره (وشبك) أو قال هكذا وفعل التشبيك، يعني جمع بين قوله "هكذا" وفعل التشبيك (ثم أخرجها) تعبير للأمر المعنوي بالمدرك الحسي تقريباً للفهم (فإن تاب) أي رجع المرتكب عن ذلك وأقلع (عاد إليه) الايمان، قيل: أي كماله ونوره، وجاء مثل ما قاله ابن عباس مرفوعاً، فقد أخرج أبوداود، والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة:((إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه الإيمان)) . وعند الحاكم عنه أيضاً مرفوعاً:((من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان قميصه عن رأسه)) . وأخرج الطبري عن ابن عباس مرفوعاً:((من زنى نزع الله منه نور الإيمان من قلبه، فإن شاء أن يرد إليه رده)) ، (وقال أبوعبد الله) أي الإمام البخاري في تأويل الحديث: (لايكون هذا مؤمناً تاماً) أي كامل الإيمان (ولايكون له نور الإيمان) أي كماله، بل يقع في إيمانه نقصان أي نقصان، والحاصل أن الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان. ونوره أي كماله الأعمال الصالحة واجتناب المنهيات، فإذا أخلَّ بالعمل أو ارتكب معصية مثل الزنا وشرب الخمر والسرقة ذهب نوره، وزال كماله، وبقي صاحبه في الظلمة. (هذا لفظ البخاري) أي هذا التأويل الذي ذكرناه نقلاً عن البخاري هو عن لفظ البخاري لا معناه. لكن لم نجد هذا القول في النسخ الموجودة الحاضرة عندنا من صحيحه، ولعله