حديثاً واحداً ((أحصوا هلال شعبان لرمضان)) ما له في جامع الترمذي غيره، ألف المؤلفات النافعة، وأنفعها صحيحه الذي فاق بحسن ترتيبه وحسن سياقه وبديع طريقته، قال مسلم: صنفت المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، قال الحافظ: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله، بحيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل، وذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ، كما هي من غير تقطيع ولا رواية بمعنى، وقد نسج على منواله خلق من النيسابوريين فلم يبلغوا شأوه، وحفظت منهم أكثر من عشرين إماماً ممن صنف المستخرج على مسلم، وقال الخطيب: إنما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه، ولما ورد البخاري النيسابور في آخر مرة لازمه مسلم وداوم الاختلاف إليه، وقال الدارقطني: لولا البخاري لما ذهب مسلم وجاء، ولد سنة ٢٠٤هـ، وقيل سنة ٢٠٦هـ، وتوفي عشية يوم الأحد لأربع أو لخمس أو لست بقين من رجب سنة ٢٦١هـ، وعمره خمس وخمسون سنة، ودفن بنصر آباد ظاهر نيسابور يوم الاثنين، ملتقط من التذكرة للذهبي (ج٢: ١٦٥-١٦٧) ، ووفيات الأعيان (ج٢: ص٩١) ، وتهذيب التهذيب (ج١٠: ١٢٦-١٢٨) ، والمرقاة (ج١: ١٦-١٧) ، وإتحاف النبلاء (٤٣٠-٤٣١) ، وأشعة اللمعات (ج١: ١٣-١٤) ، والإكمال للمصنف، وبستان المحدثين (١١٦-١١٧) . (القشيري) بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون المثناة من تحتها وبعدها راء، نسبة إلى قشير بن كعب، قبيلة كبيرة من العرب، (وأبي عبد الله مالك بن أنس) هو الإمام الحافظ فقيه الأمة، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، رأس المتقنين، كبير المتثبتين، صاحب المذهب، أبوعبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان ويقال: عثمان بن جثيل، وقيل: خثيل بن عمرو بن ذي أصبح الحارث المدني (الأصبحي) بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة بعدها حاء مهملة، نسبة إلى ذي أصبح جده التاسع، واسمه الحارث بن عوف، وهي قبيلة كبيرة من أكرم قبائل اليمن جاهلية وإسلاماً، من يعرب بن يشجب بن قحطان، كان جده الأعلى الحارث بن عوف بن الأصبح، وهو بطن من الحمير، ولذا لقب بذي أصبح، واختلف في ولادته، فقيل: ولد سنة ٩٠هـ، وقيل: سنة ٩٤هـ، وقيل: سنة ٩٥هـ، قال الذهبي في التذكرة: أما يحيى بن بكير فقال: سمعته يقول: ولدت سنة ٩٣هـ ثلاث وتسعين، فهذا أصح الأقوال، انتهى. واختاره السمعاني في الأنساب، وقال: هذا متصل بالسند إلى يحيى بن بكير تلميذ الإمام، واختاره ابن فرحون، وقال: هو الأشهر، وحمل في بطن أمه ثلاث سنين، واختلف في تاريخ وفاته أيضاً، قال ابن فرحون: والصحيح أنها كانت يوم الأحد لتمام اثنين وعشرين يوماً من مرضه في ربيع الأول سنة ١٧٩هـ، فقيل: لعشر مضت، وقيل: لأربع عشرة، ولثلاث عشرة، ولإحدى عشرة، وقيل: لاثنتي عشرة من رجب، ودفن بالبقيع، قال المصنف في الإكمال: هو - أي مالك - إمام الحجاز، بل الناس في الفقه والحديث، وكفاه فخراً أن الشافعي من أصحابه، أخذ العلم عن الزهري ويحيى بن سعيد ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة وربيعة بن عبد الرحمن وخلق كثير، قال الزرقاني: أخذ عن تسعمائة شيخ فأكثر، قال: والرواة عنه فيهم كثرة جداً، بحيث لا يعرف لأحد من الأئمة رواة