وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته)) ، رواه الترمذي، وقال هذا حديث إسناده ليس بالقوي وقد اضطربوا في إسناده.
ــ
صاحبا أبي حنيفة-انتهى. (وقد جلس في آخر صلاته) قال القاري: أي قدر التشهد-انتهى. قلت: ليس في الحديث بيان مقدار الجلوس. وأما ما روي في ذلك مما يدل على بيان قدر الجلوس، كحديث ابن مسعود عند أحمد وأبي داود وغيرهما، وكحديث عطاء عند أبي نعيم، وكحديث علي عند البيهقي والدارقطني، فكله ضعيف لا يصلح للاحتجاج. أما حديث ابن مسعود فقد تقدم الكلام عليه. وأما حديث عطاء فهو مرسل، ومرسلات عطاء أضعف المراسيل، فإنه كان يأخذ عن كل أحد كما في التدريب وغيره. وأما حديث علي فهو موقوف. (فقد جازت صلاته) أي تمت وأجزأت. واستدل به لأبي حنيفة وأصحابه على أن المصلي إذا أحدث في آخر صلاته بعد ما جلس قد التشهد فقد جازت صلاته خلافاً للأئمة الثلاثة، فإن الصلاة: تبطل عندهم بذلك، لكون التسليم فرضاً عندهم وفي الاستدلال بهذا الحديث لما ذهب إليه أبوحنيفة نظر ظاهر؛ لأنه ضعيف، لا يصلح للاحتجاج، كما ستقف عليه. قال الخطابي في المعالم (ج١:ص١٧٥) : هذا الحديث ضعيف، وقد تكلم الناس في بعض نقلته، وقد عارضته الأحاديث التي فيها إيجاب التسليم والتشهد، ولا أعلم أحداً من الفقهاء قال بظاهره؛ لأن أصحاب الرأي لا يرون أن صلاته قد تمت بنفس القعود حتى يكون ذلك بقدر التشهد، على ما رووا عن ابن مسعود، ثم لم يقودوا قولهم في ذلك؛ لأنهم قالوا: إذا طلعت عليه الشمس، أو كان متيمماً فرأى الماء وقد قعد مقدار التشهد قبل أن يسلم فسدت صلاته، وقالوا فيمن قهقه بعد الجلوس قدر التشهد: إن ذلك لا يفسد صلاته ويتوضأ، ومن مذهبهم أن القهقهة لا تنقض الوضوء إلا أن تكون في صلاة. والأمر في اختلاف هذه الأقاويل ومخالفتها الحديث بين –انتهى. وقد ذكر ابن حزم في المحلى (ج٤:ص٢٧٦، ٢٧٧) مسائل نحو ما ذكر الخطابي، تناقض فيها أقوال أهل الرأي. والبحث نفيس جدا فارجع إليه، قال القاري: ووجه مناسبة هذا الحديث للباب: أنه وجد منه حدث في الصلاة، ولم يبطلها مع أن من شأنه إبطالها. (رواه الترمذي) وأخرجه أيضاً أبوداود والدارقطني والبيهقي (ج٢:ص١٧٦) وأبوداود الطيالسي. (وقال) أي الترمذي: (هذا حديث، إسناده ليس بالقوى، وقد اضطربوا في إسناده) لم يبين الترمذي اضطراب إسناده، ولكنه ذكر في آخر الباب كلامهم في عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، الذي عليه مدار أسانيد هذا الحديث، وتضعيف بعض أهل العلم له، قال الحافظ في التقريب في ترجمته: ضعيف في حفظه. والظاهر أن هذا الحديث مما أخطأ فيه حفظه. وهو أيضاً مخالف للحديث الصحيح:"وتحليلها التسليم". وقد تقدم، فلا يقوى حديث عبد الله بن عمر وهذا لمعارضته. قال الزيلعي في نصب الراية (ج٢:ص٦٢-٦٣) بعد ذكر كلام الترمذي المتقدم: وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما.