مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصلي، إذا انصرف ونحن قيام الخ. وفيه ابن لهيعة، وما رواه مالك في الموطأ عن عطاء بن يسار مرسلاً: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم بيده أن امكثوا، فذهب ثم رجع وعلى جلده أثر الماء. وما رواه أبوداود عن محمد بن سيرين والربيع بن محمد مرسلاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر. وقد روى الشيخان عن أبي هريرة ما يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - انصرف قبل أن يدخل في الصلاة. ففي رواية للبخاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر انصرف قال: على مكانكم. وفي رواية لمسلم: فأتى رسول الله حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف وقال لنا: مكانكم، فرواية الصحيحين معارضة لما تقدم من أحاديث أنس وأبي بكرة وأبي هريرة وعلي، ومراسيل بكر وعطاء ومحمد بن سيرين والربيع بن محمد، ويمكن أن يجمع بينهما بأن يقال: إن معنى قوله "كبر" في حديث الباب وما يوافقه، أراد أن يكبر للإحرام، ومعنى دخل في الصلاة، أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للإحرام بها، ويحتمل أنهما قصتان ذكر في الأولى قبل التكبير والتحرم بالصلاة، وهي رواية الصحيحين، وفي الثانية لم يذكر إلا بعد أن أحرم، كما في حديث أبي بكرة وما وافقه. قال الحافظ: في الفتح بعد ذكر رواية مسلم وحديث أبي بكرة وأثر عطاء: ويمكن الجمع بينهما يحمل قوله "كبر" على أراد أن يكبر، أو بأنهما واقعتان. أبداه عياض والقرطبي احتمالاً. وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته، فإن ثبت وإلا فما في الصحيح أصح-انتهى. واعلم أنه استدل بحديث أبي بكرة وما وافقه لمالك والشافعي وأحمد من وافقهم على أنه لا إعادة على من صلى خلف من نسي غسل الجنابة وصلى ثم تذكر، إنما الإعادة على الإمام فقط خلافاً لأبي حنيفة، فإنه قال: يجب الإعادة على المأمومين أيضاً. وفيه أنه لا يتم استدلال الأئمة الثلاثة إلا إذا قيل بتعدد القصة، ومع ذلك إذا ثبت أن القوم أيضاً كبروا ودخلوا في الصلاة، لكن لم يذكر ذلك إلا في حديث أنس عند الدارقطني والطبراني، وقد تقدم أنه اختلف في إرساله ووصله، فرواه معاذ بن معاذ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مسنداً، ورواه عبد الوهاب الخفاف عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن بكر بن عبد الله المزني مرسلاً، أخرجهما الدارقطني. وأما إذا قيل بوحدة الواقعة في روايات الصحيحين وغيرهما، أو بأن القوم لم يدخلوا في الصلاة ولم يكبروا على القول بتعدد القصة، فلا يكون حديث أبي بكرة وما وافقه دليلاً على ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة. والظاهر عندي: توجد القضية ويحمل قوله: "كبر ودخل" على المجاز أي أراد أن يكبر للإحرام وتهيأ للدخول في الصلاة، وأن القوم لم يدخلوا في الصلاة، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل فيها، فإن كان كذلك، وإلا فما في الصحيح أصح. (وأومى إليهم) بالياء. وفي بعض النسخ بالهمزة. قال القاري: ويبدل الهمزة، فيكتب بالياء أي أشار. (أن) وفي رواية الدارقطني أي. (كما كنتم) وفي بعض النسخ: كما أنتم، أي على ما أنتم عليه من حال