للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠١٨- (٣٤) وعن جابر، قال: ((كنت أصلي الظهر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفى، أضعها لجبهتي، أسجد عليها لشدة الحر)) .

ــ

إذا صلى ولم يذكر. وهذا كما ترى حمله مالك على قصة الجنابة المذكورة في رواية أبي هريرة وعلي وأنس وأبي بكرة، وأما تلميذه محمد فحمله على سبق الحدث في الصلاة، كما هو ظاهر من تبويبه، واستنبط منه أن من سبقه الحدث في الصلاة فلا بأس أن ينصرف فيتوضأ ثم يبني على ما قد صلى، وفيه أن هذا الحمل والاستنباط إنما يصح إذا كان قصة حديث عطاء بن يسار غير ما وقع في أحاديث أبي هريرة وأنس وأبي بكرة وعلي ومرسل ابن سيرين، وهو خلاف الأصل. وأيضاً يؤدي ذلك إلى القول بتكرر القضية ثلاث مرات: الأولى ما في رواية الصحيحين. والثانية ما في رواية عطاء المرسلة، والثالثة ما في أحاديث علي وأبي هريرة وأبي بكرة وأنس ومرسل ابن سيرين. وهذا كما ترى بعيد جداً، ولذلك أورد الشيخ عبد الحي اللكنوي في التعليق الممجد (ص١٢١) على هذا الاستنباط بخمسة وجوه، وقال في آخرها: وبالجملة إذا جمعت طرق حديث الباب، ونظر إلى ألفاظ رواياته، وحمل بعضها على بعض، علم قطعاً أنه لا يصلح لاستنباط ما استنبطه محمد. وبه يظهر أنه لا يصح إدخال هذا الحديث في باب الحدث في الصلاة؛ لأنه لم يكن هناك حدث في الصلاة-انتهى.

١٠١٨- قوله: (فأخذ) أي فأخذت. فجاء المضارع لحكاية الحال الماضية، قاله الطيبي. وتبعه ابن حجر. وهذا مبني منهما على أنه عطف على "كنت". والظاهر أنه عطف على "أصلي" قاله القاري. (قبضة) بفتح القاف وضمها ومعنى الفتح المرة من القبض، ثم أطلق على المقبوض كضرب الأمير، وهو معنى القبضة بضم القاف. قال الجوهري: القبضة هي ما قبضت عليه من شيء، قال وربما جاء بالفتح-انتهى. وقال في القاموس: القبضة وضمه أكثر ما قبضت عليه من شيء. (من الحصى) صفة لقبضة مبنية. (لتبرد) بضم الراء من باب نصر. (لجبهتي) أي لموضعها. (أسجد عليها) أي على الحصى الباردة. قال ابن حجر: بدل من أضعها التي هو نعت لقبضة، أو حال منها لتخصيصها-انتهى. قال القاري: والأخير هو الأظهر لوجود الفصل بالعلة المذكورة بينهما. (لشدة الحر) علة للأخذ. قال الخطابي في المعالم (ج١: ص١٢٧) : فيه من الفقه تعجيل صلاة الظهر، وفيه أنه لا يجوز السجود إلا على الجبهة، ولو جاز السجود على ثوب هو لابسه أو الاقتصار من السجود على الأرنبة دون الجبهة لم يكن يحتاج إلى هذا الصنيع، وفيه أن العمل اليسير لا يقطع الصلاة-انتهى. قلت: في الاستدلال به على تعجيل صلاة الظهر نظر؛ لأن شدة الحر قد توجد مع الإبراد، وقد تبقى الحرارة في الحصى، وتستمر بعد الإبراد، فيحتاج إلى تبريده، أو السجود على الثوب، ويكون فائدة الإبراد وجود ظل يمشي فيه إلى المسجد أو يصلي فيه في المسجد. وأما قوله: لو جاز السجود على ثوب هو لابسه ففيه أيضاً نظر، لاحتمال أن يكون جابر لم يكن في ثوبه فضل يمكنه أن يسجد عليه. نعم لو ثبت أنه كان في ثوبه الذي هو لابسه فضل ولم يسجد عليه لتم

<<  <  ج: ص:  >  >>