للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان)) رواه مسلم.

ــ

في الحكم وجوباً أو ندباً-انتهى. وهذا الحديث كما ترى مفصل للإجمال الوارد في حديث أبي هريرة المتقدم، وحديث عبد الله بن جعفر، وحديث أبي سعيد عند الترمذي وأبي داود. فعليه التعويل، ويجب إرجاع الإجمال إليه. وفيه رد على من فصل في الشك من كونه أول ما سهى أو ثانياً؛ لأن الحديث مطلق وهو أوفق بالناس، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل رحمة ورأفة لهم. واحتج به للجمهور مالك والشافعي ومن تبعهما فيما ذهبوا إليه من وجوب طرح الشك والبناء على المتيقن أي الأقل، وعدم أجزاء التحرى، كما تقدم الإشارة إليه. (قبل أن يسلم) فيه دليل لمن قال إن السجود للسهو قبل السلام. وسيأتي الكلام فيه. (فإن كان صلى خمساً) أي في رباعية وهو تعليل للأمر بالسجود، أي فإن كان ما صلاه في الواقع أربعاُ فصار خمساُ بإضافة إليه ركعة أخرى. (شفعن) بتخفيف الفاء وتشديدها. (له صلاته) قال الطيبي: الضمير في "شفعن" للركعات الخمس وفي "له" للمصلي يعني شفعت الركعات الخمس صلاة أحدكم بالسجدتين، يدل عليه قوله الآتي: شفعها بهاتين السجدتين أي شفع المصلى الركعات الخمس بالسجدتين. وقال ابن حجر: أي الركعة الخامسة والسجدتان، لرواية أبي داود: كانت الركعة نافلة والسجدتان، أي وصارت صلاته شفعاً باقياً على حاله-انتهى. وفي رواية النسائي: شفعتا أي بصيغة التثنية. والمعنى ردت السجدتان صلاته إلى الشفع. قال السندي: أن السجدتان صارتا له كالركعة السادسة، فصارت الصلاة بهما ست ركعات، فصارت شفعاً-انتهى. وكان المطلوب من الرباعية الشفع وإن زادت على الأربع. (وإن كان صلى إتماماً لأربع) قيل: نصبه على أنه مفعول له، يعني إن كان صلى ما يشك فيه لإتمام أربع. وقيل: إنه حال أي إن صلى ما شك فيه حال كونه متمماً للأربع، فيكون قد أدى ما عليه من غير زيادة ولا نقصان. (كانتا ترغيماً للشيطان) أي وإن صارت صلاته بتلك الركعة أربعاً كانتا أي السجدتان ترغيماً أي سبباً لاغاظة الشيطان وإذلاله وإهانته له حيث تكلف في التلبيس، فجعل الله تعالى له طريق جبر بسجدتين فأضل سعيه حيث جعل وسوسته سبباً للتقرب بسجدة استحق هو بتركها الطرد. قال النووي: المعنى أن الشيطان لبس عليه صلاته وتعرض لإفسادها ونقصانها، فجعل الله للمصلي طريقاً إلى جبر صلاته، وتدارك ما لبسه عليه، وإرغام الشيطان ورده خاسئاً مبعداً عن مراده، وكملت صلاة ابن آدم لما امتثل أمر الله الذي عصى به إبليس من امتناعه من السجود-انتهى. قال القاضي: القياس أن لا يسجد، إذ الأصل أنه لم يزد شيئاً لكن صلاته لا تخلوا عن أحد خللين، إما أداء الزيادة، وإما أداء الرابعة على التردد، فيسجد جبراً للخلل، والتردد لما كان من تسويل الشيطان وتلبيسه سمى جبره ترغيماً له. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي (ج٢:ص٣٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>