فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرفوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تولوا للفرار يوم الزحف، وعليكم خاصة اليهود
ــ
على صحة نبوته وصدقة فيما أخبره به عمن أرسله إلى فرعون، وهي العصا واليد والسنون والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، آيات مفصلات. قال ابن عباس: فهذه الآيات التسع هي المرادة هنا، وهي المعنية في قوله تعالى:{وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جانٌّ ولى مدبراً ولم يعقب يا موسى لا تخف ... - إلى قوله -: في تسع آيات إلى فرعون وقومه، إنهم كانوا قوما فاسقين}[٢٧:١٠-١٢] فذكر هاتين الآيتين العصا واليد، وبين الآيات الباقية في سورة الأعراف وفصلها، وقد أوتي موسى - عليه السلام - آيات أخر كثيرة، منها ضربه الحجر بالعصا، وخروج الماء منه، ومنها تظليلهم بالغمام، وإنزال المن والسلوى، وغير ذلك مما أوتوه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر ههنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر، فكانت حجة عليهم، فخالفوها وعاندوها كفراً وجحوداً، وأما الحديث الذي رواه أحمد وفيه: حتى نسأله عن هذه الآية {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} ... الحديث، فهو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة (يعني راوي هذا الحديث عن صفوان) في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون، فإن هذه الوصايا ليس فيها حجج على فرعون وقومه، وأي مناسبة بين هذا وبين إقامة البراهين على فرعون؟ وما جاء هذا الوهم إلا من قبل عبد الله بن سلمة، فإن له بعض ما ينكر- انتهى مختصراً. (ولا تمشوا ببريء) بهمزة وإدغام، أي بمتبرئ من الإثم، والباء للتعدية، أي لا تسعوا ولا تتكلموا بسوء فيمن ليس له ذنب (إلى ذي سلطان) أي صاحب سلطنة وقوة وحكم وغلبة وشوكة (ليقتله) يعني كي لا يقتله مثلاً. (ولا تسحروا) بفتح الحاء المهملة، فإن بعض أنواعها كفر وبعضها فسق. (ولا تأكلوا الربا) أي لا تعاملوا بالربا ولا تأخذوه. (ولا تقذفوا) بكسر الذال (محصنة) بفتح الصاد وكسرها، أي لا ترموا بالزنا عفيفة. قال ثعلب: كل امرأة عفيفة فهي محصنة ومحصنة، وكل امرأة متزوجة فهي محصنة بالفتح لا غير. (ولا تولوا) بضم التاء واللام، من ولى يولي تولية إذا أدبر، أي ولا تولوا أدباركم، ويجوز أن تكون بفتح التاء واللام من التولي وهو الإعراض والإدبار، أصله تتولوا فحذف إحدى التائين. (للفرار) أي لأجله. وفي بعض النسخ الفرار بلا لام العلة منصوباً على أنه مفعول له، قاله القاري. (يوم الزحف) أي يوم لقاء العدو في الحرب، والزحف الجيش يزحفون إلى العدو، أي يمشون (وعليكم) ظرف وقع خبراً مقدماً (خاصة) منوناً حال والمستتر في الظرف عائد إلى المبتدأ أي مخصوصين بهذه العاشرة، أو حال كون عدم الاعتداء مختصا بكم دون غيركم من الملل أو تمييز، والخاصة ضد العامة (اليهود) نصب على التخصيص والتفسير أي أعني اليهود، ويجوز أن تكون خاصة بمعنى خصوصاً، ويكون اليهود