للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحافظ: وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجري مثله في سجود التلاوة. ولم يذكر ابن عمر في هذا الحديث ما كانوا يصنعون حينئذٍ، ولذلك وقع الخلاف المذكور. ووقع في الطبراني من طريق مصعب بن ثابت عن نافع في هذا الحديث أن ذلك كان بمكة لما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - "النجم"، وزاد فيه: "حتى سجد الرجل على ظهر الرجل. قال الحافظ: الذي يظهر أن هذا الكلام وقع من ابن عمر على سبيل المبالغة في أنه لم يبق أحد إلا سجد، قال وسياق حديث الباب مشعر بأن ذلك وقع مراراً، فيحتمل أن تكون رواية الطبراني بينت مبدأ ذلك. ويؤيده ما رواه الطبراني أيضاً من رواية المسور بن مخرمة عن أبيه، قال: أظهر أهل مكة الإسلام، يعني في أول الأمر حتى إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ السجدة فيسجد، وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام، حتى قدم رؤساء مكة، وكانوا في الطائف، فرجعوهم عن الإسلام. والحديث يدل على مشروعية السجود لمن سمع الآية التي يشرع فيها السجود إذا سجد القاريء لها. واستدل به البخاري على السجود لسجود القاريء حيث بوب عليه باب من سجد لسجود القاريء، وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم وهو غلام فقرأ عليه سجدة، فقال: اسجد، فإنك إمامنا فيها. قال الحافظ: في الترجمة. إشارة إلى أن القاريء إذا لم يسجد لم يسجد السامع. ويتأيد بما أخرجه ابن أبي شيبة مرفوعاً من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم أن غلاماً قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة، فانتظر الغلام النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد، فلما لم يسجد قال يا رسول الله! أليس في هذه السجدة سجود؟ قال: بلى. ولكنك كنت إمامنا فيها، ولو سجدت لسجدنا، رجاله ثقات إلا أنه مرسل. وقد روي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلاً مرفوعاً نحوه أخرجه الشافعي والبيهقي (ج٢: ص٣٢٤) وقال القسطلاني: معنى قوله: أنت إمامنا أي متبوعناً لتعلق السجدة بنا من جهتك، وليس معناه إن لم تسجد لم نسجد؛ لأن السجدة كما تتعلق بالقاري تتعلق بالسامع غير القاصد السماع والمستمع القاصد، لكنها في المستمع والسامع عند سجود القاريء، آكد منها عند عدم سجوده لما قيل: إن سجودهما يتوقف على سجوده، وإذا سجدا معه فلا يرتبطان به، ولا ينويان الاقتداء به، ولهما الرفع من السجود قبله - انتهى. وقال ابن قدامة: إذ لم يسجد التالي لم يسجد المستمع. (عند الحنابلة، وبه قالت المالكية) وقال الشافعي: يسجد - انتهى. وبه قالت الحنفية. والظاهر عندي ما ذهب إليه الحنابلة والمالكية من أنه إذا لم يسجد القاري لم يسجد السامع لحديث زيد بن أسلم وعطاء، ولأثر ابن مسعود. واختلفوا أيضاً في اشتراط قصد السماع قال ابن قدامة في المغني: يسن سجود للتالي والمستمع لا نعلم في هذا خلافاً. وقد دلت عليه الأحاديث، فأما السامع غير القاصد فلا يستحب له. روى ذلك عن عثمان وابن عباس وعمران، وبه قال مالك. وقال أصحاب الرأي عليه السجود، وروى نحو ذلك عن ابن عمر والنخعي وسعيد بن جبير ونافع وإسحاق؛ لأنه سامع للسجدة، فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>