للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا إله إلا الله لا تكفره بذنب ولا تخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماضٍ مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار)) ، رواه أبو داود.

ــ

لا إله إلا الله) أي وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن قال كلمتي الشهادة وجب الامتناع عن التعرض بنفسه وماله (لا تكفره) بالتاء نهى وبالنون نفي، وكلاهما مروي وهو بيان للكف ولذا قطعه عنه، والتكفير والإكفار نسبة أحد إلى الكفر (بذنب) أي سوى الكفر ولو كبيرة، وفيه رد على الخوارج لأنهم يكفرون من يصدر منه ذنب (ولا تخرجه) بوجهين (من الإسلام بعمل) ولو كبيرة سوى الكفر، خلافاً للمعتزلة في إخراج صاحب الكبيرة إلى منزلة بين المنزلتين (والجهاد ماضٍ) أي الخصلة الثانية اعتقاد كون الجهاد ماضياً أو ثانيتها الجهاد أو الجهاد من أصل الإيمان، وماضٍ خبر مبتدأ محذوف أي هو ماضٍ ونافذ وجارٍ ومستمر (مذ) وفي نسخة منذ (بعثني الله) أي من ابتدأ زمان بعثني الله إلى المدينة أو بالجهاد (إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة) أي عيسى أو المهدي (الدجال) مفعول له. قال القاري: وبعد قتل الدجال لا يكون الجهاد باقياً، أما على يأجوج ومأجوج فلعدم القدرة عليهم. وعند ذلك لا وجوب عليهم بنص آية الأنفال، وأما بعد إهلاك الله إياهم لا يبقى على وجه الأرض كافر ما دام عيسى - عليه الصلاة والسلام - حياً في الأرض، وأما على من كفر من المسلمين بعد عيسى - عليه الصلاة والسلام - فلموت المسلمين كلهم عن قريب بريح طيبة، وبقاء الكفار إلى قيام الساعة، وتجيء هذه الحكاية في ذكر الدجال (لا يبطله) بضم أوله (جور جائر ولا عدل عادل) أي لا يسقط الجهاد كون الإمام ظالماً أو عادلاً. وفيه رد على المنافقين وبعض الكفرة، فإنهم زعموا أن دولة الإسلام تنقرض بعد أيام قلائل، كأنه قيل الجهاد ماضٍ، أي أعلام دولته منشورة، وأولياء أمته منصورة، وأعداء ملته مقهورة إلى يوم الدين. وقال المظهر: يعني لا يجوز ترك الجهاد بأن يكون الإمام ظالماً بل يجب عليهم موافقته، ولا بأن يكون الإمام عادلاً بحيث يحصل سكون المسلمين وتقويتهم، فلا يخافون من الكفار ولا يحتاجون إلى الغنائم؛ لأن القصد من الجهاد هو إعلاء كلمة الله، فاحتيج لهذا نفياً إلى هذا التوهم، وإن كان من شأن عدل العادل أنه لا يتوهم فيه إبطال الجهاد بل تقويته. فعلى هذا يكون النفي بمعنى النهى. قال الطيب: ويمكن أن يجرى على ظاهر الإخبار كما هو عليه، ويكون تأكيداً للجملة السابقة، أي لا يبطله أحد إلى خروج الدجال. (والإيمان بالأقدار) أي الخصلة الثالثة، أو الإيمان بالأقدار من أصل الإيمان، يعني بأن جميع ما يجري في العالم هو من قضاء الله وقدره. وفيه رد على المعتزلة لإثباتهم للعباد القدرة المستقلة (رواه أبوداود) في الجهاد، وسكت عليه هو والمنذري، لكن في سنده يزيد بن أبي نشبة - بضم النون وسكون الشين المعجمة -، وهو مجهول، كما في التقريب. واعلم أن بعض العلماء قد أجاز العمل والاحتجاج بكل ما سكت عنه أبوداود؛ لما روي عنه أنه قال: ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>