موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة،
ــ
الجنازة والدفن؛ لأنه أنما يكون أثر الصلاة عليها. وأما رواية أو ففيها إشكال إلا إذا قلنا إن أو بمعنى الواو، كما قاله الكوفي. كذا في زهر الربي. وقوله: نقبر من قبر الميت من باب نصر، وضرب لغة أي ندفن. وفيه دليل على أن دفن الموتى في الأوقات الثلاثة منهي عنه من غير فرق بين العابد وغيره. وإليه ذهب أحمد. وهو الحق لظاهر الحديث. قال السندي ظاهر الحديث كراهة الدفن في هذه الأوقات، وهو قول أحمد وغيره. ومن لا يقول به يؤول الحديث بأن المراد صلاة الجنازة على الميت بطريق الكناية للملازمة بين الدفن والصلاة. ولا يخفى أنه تأويل بعيد لا ينساق الذهن إليه من لفظ الحديث، يقال: قبره إذا دفنه، ولا يقال قبره إذا صلى عليه، قال والأقرب أن الحديث يميل إلى قول أحمد وغيره: إن الدفن مكروه في هذه الأوقات- انتهى. وقال البيهقي: نهيه عن القبر في هذه الساعات لا يتناول الصلاة على الجنازة، وهو عند كثير من أهل العلم محمول على كراهية الدفن في تلك الساعات- انتهى. قلت حمله أبوداود على الدفن الحقيقي حيث بوب عليه في الجنائز: باب الدفن عند طلوع الشمس وغروبها. وإليه يظهر ميل النسائي حيث عقد عليه في أثناء أبواب الدفن: باب الساعات التي نهى عن إقبار الموتى فيها، وحمله ابن ماجه على الصلاة والدفن كليهما، فقد بوب عليه في الجنائز: باب الأوقات التي لا يصلي فيها على الميت ولا يدفن. وحمله الترمذي على الصلاة، ولذلك بوب عليه: باب كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وأيده بما نقل عن ابن المبارك، قال: معنى هذا الحديث أو أن نقبر فيهن موتانا يعني الصلاة على الجنازة- انتهى. وقد ضعف النووي هذا التأويل وزيفه، كالسندي، هذا وقد علمت مما قدمنا إن صلاة الجنازة مكروهة في هذه الأوقات عند مالك وأحمد وأبي حنيفة. واستدل هؤلاء بحديث عقبة هذا وغيره من الأحاديث المطلقة الدالة على كراهة الصلاة في هذه الساعات خلافاً للشافعي. والقول الأول هو الظاهر. قال الخطابي: قول الجماعة أولى لموافقه الحديث. (حين تطلع) بيان للساعات. (بازغة) أي طالعة ظاهرة لا يخفى طلوعها، حال مؤكدة. (حتى ترتفع) أي قدر رمح، كما في حديث عمرو بن عبسة عند أبي داود والنسائي. (وحين يقوم قائم الظهيرة) هي شدة الحر. وقيل: حد انتصاف النهار، أي يقف ويستقر الظل الذي يقف عادة حسب ما يبدو، فإن الظل عند الظهيرة لا يظهر له سويعة حركة حتى يظهر بمرأى العين أنه واقف، وهو سائر حقيقة. قال في المجمع: إذا بلغ الشمس وسط السماء أبطأت حركتها إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأمل أنها وقفت، وهي سائرة. ولا شك إن الظل تابع لها. والحاصل: أن المراد وعند الاستواء. وقيل: المراد بقائم الظهيرة الشخص القائم في الظهيرة، فإن الناس في السفر يقفون في هذا الوقت لشدة الحر ليستريحوا. وقال النووي: الظهيرة حال استواء الشمس، ومعناه حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق ولا في المغرب. وقال ابن حجر: الظهيرة هي نصف النهار وقائمها، أما الظل وقيامه وقوفه من قامت به دابته وقفت، والمراد بوقوفه بطأ حركته