وإنما يروى هذا الحديث مرسلاً. قال: وروى بعضهم هذا الحديث عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج قرأى قيساً، وهذا أصح من حديث عبد العزيز عن سعد بن سعيد - انتهى. وكذا أعله أبوداود بالإرسال، وادعى بعضهم لذلك أن هذا الحديث ضعيف لا يصلح للاستدلال لعلة الإرسال والانقطاع. قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات في ترجمة قيس بن قهد: ذكروا حديثه في الركعتين بعد الصبح، وهو حديث ضعيف، اتفقوا على ضعف حديثه المذكور. ورواه أبوداود والترمذي وغيرهما وضعفوه - انتهى. ملخصاً مختصراً. قلت: للحديث طريق آخر متصل، رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والدارقطني (ص١٤٨) والحاكم (ج١: ص٢٧٤-٢٧٥) والبيهقي (ج٢: ص٤٨٣) ، كلهم من طريق الربيع بن سليمان عن أسد بن موسى عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس، وهذا إسناد صحيح جداً، رجاله كلهم ثقات. قال الحاكم بعد روايته: قيس بن قهد الأنصاري صحابي، والطريق إليه صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي على تصحيحه. وقال الشوكاني في النيل: قول الترمذي: إنه مرسل ومنقطع ليس بجيد، فقد جاء متصلاً من رواية يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس، رواه ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان من طريقه وطريق غيره، والبيهقي في سننه عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس المذكور، وقد قيل: إن سعيد بن قيس لم يسمع من أبيه. (كما في تهذيب التهذيب) فيصح ما قاله الترمذي من الانقطاع. وأجيب عن ذلك بأنه لم يعرف القائل بذلك - انتهى. فان قلت: قال الحافظ في الإصابة (ج٣: ص٢٥٦) : وأخرجه ابن مندة من طريق أسد بن موسى عن الليث عن يحيى عن أبيه عن جده، وقال: غريب تفرد به أسد موصولاً. وقال غيره عن الليث عن يحيى أن حديثه مرسل - انتهى. قلت: هذا التعليل لا يضعف به الإسناد؛ لأن أسد بن موسى ثقة، خلافاً لمن تكلم فيه بغير حجة، فتفرده لا يقدح في صحة الحديث. قال النووي في مقدمة شرح مسلم: إذا رواه بعض الثقات الضابطين متصلاً وبعضهم مرسلاً أو بعضهم موقوفاً وبعضهم مرفوعاً، أو وصله هو أو رفعه في وقت، وأرسله أو وقفه في وقت، فالصحيح الذي قاله المحققون من المحدثين وقاله الفقهاء وأصحاب الأصول وصححه الخطيب البغدادي أن الحكم لمن وصله أو رفعه، سواء كان المخالف له مثله أو أكثر أو أحفظ؛ لأنه زيادة ثقة، وهي مقبولة - انتهى. هذا، وقد ظهر بما ذكرنا أن المراد بقول الترمذي أنه مرسل منقطع هو الإرسال والانقطاع في السند المخصوص الذي ساقه بذلك السند لا مطلقاً، وإلا فقد جاء متصلاً بسند صحيح كما عرفت، ولا وجه لتضعيف الإسناد المتصل الصحيح بالمنقطع والمرسل، على أن للحديث شواهد. منها ما رواه الطبراني في الكبير من طريق أيوب بن سويد عن ابن جريج عن عطاء أن قيس بن سهل حدثه أنه دخل المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، ولم يكن صلى الركعتين