لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار))
ــ
والحجابة والسقاية والرفادة- انتهى. قلت: يؤيد ذلك ما في رواية للدارقطني بلفظ: يا بني عبدمناف! إن وليتم من هذا الأمر شيئاً فلا تمنعن، وفي أخرى له يا بني عبد مناف يا بني هاشم إن وليتم هذا الأمر يوماً فلا تمنعن. وما في رواية ابن حبان في صحيحه: يا بني عبد المطلب! إن كان لكم من الأمر شيء فلا أعرفن أحد منكم يمنع من يصلي عند البيت أية ساعة شاء من ليل أو نهار. (لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت) يعني بيت الله. (وصلى) أي صلاة الطواف أو مطلقاً. قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بهذه الصلاة صلاة الطواف خاصة، وهو الأشبه بالآثار، ويحتمل جميع الصلوات- انتهى. وقال الزيلعي: قال الشيخ في الإمام: وقد ورد ما يشعر بأن هذا الاستثناء بمكة إنما هو في ركعتي الطواف فأخرج ابن عدي. (والبيهقي من طريقه ج٢ ص٦٢) من طريق سعيد بن أبي راشد عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس، وزاد في آخره: من طاف فليصل أي حين طاف. قال ابن عدي: وسعيد هذا يحدث عن عطاء وغيره بما لا يتابع عليه، وكذا قال البخاري- انتهى. وقال الأمير اليماني في السبل: وليس هذا (أي الاستثناء) خاصاً بركعتي الطواف، بل يعم كل نافلة، لرواية ابن حبان في صحيحه: يا بني عبد المطلب إن كان لكم من الأمر شيء فلا أعرفن أحداً منكم يمنع من يصلي عند البيت أية ساعة شاء من ليل أو نهار- انتهى. قلت: الظاهر أن في رواية ابن حبان هذه اختصاراً من الراوي، وأنه ترك ذكر الطواف، والراجح أن الاستثناء مختص بصلاة الطواف ولا يعم الصلوات. وقال الخطابي في المعالم (ج٢ ص١٩٥) : وذهب بعضهم إلى تخصيص ركعتي الطواف من بين الصلوات، وقال إذا كان الطواف بالبيت غير محظور في شيء من الأوقات، وكان من سنة الطواف أن تصلى الركعتان بعده، فقد عقل أن النوع من الصلاة غير منهي عنه- انتهى. (أية ساعة شاء من ليل أو نهار) قال المظهر: فيه دليل على أن صلاة التطوع في أوقات الكراهة غير مكروهة بمكة لشرفها؛ لينال الناس من فصلها في جميع الأوقات، وبه قال الشافعي، وعند أبي حنيفة حكمها حكم سائر البلاد في الكراهة، ذكره الطيبي. قال الأمير اليماني في السبل: الحديث دال على أنه لا يكره الطواف بالبيت، ولا الصلاة فيه، في أية ساعة من ساعات الليل والنهار، وقد عارض ما سلف يعني أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة فالجمهور. (أي مالك وأبوحنيفة ومن وافقهما) عملوا بأحاديث النهي ترجيحاً لجانب الكراهة، ولأن أحاديث النهي ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وهي أرجح من غيرها، وذهب الشافعي وغيره إلى العمل بهذا الحديث، قالوا: لأن أحاديث النهي قد دخلها التخصيص بالفائتة والمنوم عنها والنافلة التي تقضى، فضعفوا جانب عمومها فتخصص أيضاً بهذا الحديث ولا تكره النافلة بمكة في أي من الساعات- انتهى. وقال ابن عبد البر: في حديث جبير ما يقوي القول بالجواز مع قول جمهور العلماء من المسلمين به، وذلك أن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير والحسن