وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)) رواه مسلم.
١٠٨٠- (٢٢) وعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لولا ما في البيوت من النساء والذرية، أقمت
صلاة العشاء،
ــ
وتسميتها سنة على ما في حديث ابن مسعود لا حجة فيه للقائلين بالنسبة إذ لا تنافى الوجوب في خصوص ذلك الإطلاق؛ لأن سنن الهدى أعم من الواجب لغة كصلاة العيد- انتهى. وقد يقال لهذا الواجب سنة لكونه ثبت بالسنة أي الحديث، وقوله:"لضللتم" يعطي الوجوب ظاهرا. وفي رواية أبي داود "لكفرتم" وهو على التغليظ أو على الترك تهاوناً وقلة مبالاة وعدم اعتقادها حقاً، أو لفعلتم فعل الكفرة. وقال الخطابي: معناه أنه يؤديكم إلى الكفر بأن تتركوا عرى الإسلام شيئاً فشيئاً حتى تخرجوا من الملة- انتهى. (فيحسن الطهور) بضم الطاء أي يأتي بواجباًته ومكملاته. (ثم يعمد) بكسر الميم أي يقصد ويتوجه. (من هذه المساجد) أي مساجد المسلمين. (بكل خطوة) بفتح الخاء أو ضمها. (وحط) أي وضع ومحا. (وما يتخلف عنها) أي عن صلاة الجماعة في المسجد. (معلوم النفاق) وفي رواية أبي داود: بين النفاق أي ظاهره. (ولقد كان الرجل) أي المريض. (ويؤتى به) إلى الصلاة. (يهادي بين الرجلين) على بناء المفعول أي يؤخذ من جانبيه فيمشي به إلى المسجد من ضعفه وتمايله. وقال النووي: أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضدية يعتمد عليها. (حتى يقام في الصف) قال النووي: في هذا كله تأكيد أمر الجماعة وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها - انتهى. قال الشوكاني: والأثر استدل به على وجوب صلاة الجماعة. وفيه أنه قول صحابي ليس فيه إلا حكاية المواظبة على الجماعة وعدم التخلف عنها ولا يستدل بمثل ذلك على الوجوب - انتهى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي مختصراً ومطولاً.
١٠٨٠- قوله:(لولا ما في البيوت من النساء والذرية) أي الصغار. وفي معناهما أصحاب الأعذار. قال الطيبي: من بيان لما عدل من "من" إلى "ما"، إما لإرادة الوصفية وبيان أن النساء والذرية بمنزلة ما لا يعقل، وأنه مما لا يلزمه حضور الجماعة، وإما لأن البيوت محتوية على الأمتعة والأثاث، فخصتا بالذكر للاعتناء بشأنهما، وما تستعمل عاماً في ما يعقل وما لا يعقل. (أقمت صلاة العشاء) أي أمرت باقامة صلاة العشاء الآخرة للجماعة،