١١١٤- (٣) وعن أنس، قال:((صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأم سليم خلفنا)) .
ــ
عن يساره فنهاني فجعلني عن يمينه، ثم جاء صاحب لي فصفنا خلفه- الحديث.
١١١٤- قوله:(صليت أنا ويتيم) بالرفع عطفاً على الضمير المرفوع. قال صاحب العمدة: اليتيم هو ضميرة جد حسين بن عبد الله بن ضميرة. قال ابن الحذاء: كذا سماه عبد الملك بن أبي حبيب، ولم يذكره غيره، وأظنه سمعه من حسين بن عبد الله أو من غيره من أهل المدينة. قال ضميرة: هو ابن أبي ضميرة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. واختلف في اسم أبي ضميرة، فقيل: روح، وقيل غير ذلك- انتهى. وقال النووي: اسم اليتيم ضميرة بن سعد الحميري. وقال المنذري: اليتيم وهو ابن أبي ضميرة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، له ولأبيه صحبة، وعدادهما في أهل المدينة (في بيتنا) متعلق بصليت. (وأم سليم خلفنا) وفي البخاري: وأمي أم سليم خلفنا. قال العيني: وأمي عطف على اليتيم، وأم سليم عطف بيان، وكانت مشتهرة بهذه الكنية، واسمها سهلة. وقيل: رميلة أو رميثة أو الرميصاء أو الغميصاء، زوجة أبي طلحة، وكانت فاضلة دينة- انتهى. قلت: أم سليم هي بنت ملحان بكسر الميم وإسكان اللام، واسمه مالك بن خالد بن زيد بن حرام من بنى النجار، وكانت أم سليم تحت مالك بن النضر، فولدت له أنساً في الجاهلية، وأسلمت مع السابقين من الأنصار، فغضب مالك وخرج إلى الشام، ومات بها فتزوجها بعده أبوطلحة زيد بن سهل الأنصاري، فولدت له عبد الله وأبا عمير، واسم والدة أم سليم مليكة بالتصغير بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي، فهي جدة أنس لأمه. وفي الحديث دليل على صحة الجماعة في النفل في البيوت، وعلى صحة الصلاة للتعليم والتبرك كما تدل عليه القصة، وعلى أن مقام الاثنين خلف الإمام، وعلى أن أمامة المرأة للرجال غير جائزة؛ لأنها لما زحمت عن مساواتهم في مقام الصف كانت من أن تتقدمهم أبعد، وعلى وجوب ترتيب مواقف المأمومين، وأن الأفضل يتقدم على من دونه في الفضل، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليلينى منكم أولوا الأحلام والنهى، وعلى صحة صلاة الصبي المميز، وإن الصبي يعتد بوقوفه ويسد الجناح، وهو الظاهر من لفظ اليتيم إذ لا يتم بعد الاحتلام، ويؤيده جذبه - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس من جهة اليسار إلى جهة اليمين، وصلاته معه وهو صبي، وعلى أن الصبي الواحد يقوم مع الرجل صفاً، فإن اليتيم لم يقف منفرداً بل صف مع أنس، وعلى أن المرأة لا تصف مع الرجال، وعلى أنها تقوم صفاً وحدها إذا لم يكن معها امرأة غيرها، فعدم امرأة تنضم إليها عذر في ذلك، فإن انضمت المرأة مع الرجل أجزأت صلاتها؛ لأنه ليس في الحديث إلا تقريرها على التأخر، وأنه موقفها، وليس فيه دلالة على فساد صلاتها لو صلت في غيره، وذهب أبوحنيفة إلى أنه تفسد صلاة الرجل دون المرأة، ولا دليل على ذلك. قال الحافظ: في الحديث أن المرأة لا تصف مع الرجال، وأصله ما يخشى من الافتتان بها، فلو خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور، وعند الحنفية: تفسد صلاة الرجل دون المرأة، وهو عجيب، وفي توجيهه تعسف، حيث قال قائلهم: دليله قول ابن مسعود أخروهن من حيث