للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دخولك في الصف، وأنت راكع فإنها كمشية البهائم. ويؤيده رواية حماد بن سلمة في مصنفه عن الأعلم عن الحسن عن ابي بكرة: أنه دخل المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وقد ركع، فركع ثم دخل الصف وهو راكع فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أيكم دخل في الصف وهو راكعن فقال له أبوبكرة: أنا، فقال: زادك الله حرصاً ولا تعد، وقال غيره: بل معناه لا تعد إلى إتيان الصلاة مسرعاً، واحتج بما رواه ابن السكن في صحيحه بلفظ: أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى حتى دخلت في الصف، فلما قضى الصلاة قال: من الساعي آنفاً، قال أبوبكرة أنا، فقال زادك الله حرصًا ولا تعد- انتهى. وقال في الفتح قوله: "لا تعد" ضبطناه في جميع الروايات بفتح أوله وضم العين من العود، أي لا تعد إلى ما صنعت من السعي الشديد، ثم من الركوع دون الصف، ثم من المشي إلى الصف. وقد ورد ما يقتضي ذلك صريحاً في طرق حديثه، كما تقدمت، وحكى بعض شراح المصابيح أنه روي بضم أوله وكسر العين من الإعادة، ويؤيد الروايات المشهورة ما ورد من الزيادة في آخر الحديث عند الطبراني: صل ما أدركت واقض ما سبقك. وروى الطحاوي: بإسناد حسن عن أبي هريرة مرفوعاً: إذا أتى احدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف- انتهى. وقال: الجزري لا تعد بفتح التاء وضم العين وإسكان الدال من العود، أي لا تعد ثانياً إلى مثل ذلك الفعل، وهو المشي إلى الصف في الصلاة. ويحتمل أن يكون نهاه عن اقتدائه منفرداً. ويحتمل أن يكون عن ركوعه قبل الوصول إلى الصف، والظاهر أنه نهى عن ذلك كله. وقد أبعد من قال: ولا تعد بضم التاء وكسر العين من الإعادة أي لا تعد الصلاة التي صليتها، وأبعد منه من قال إنه بإسكان العين وضم الدال من العَدو أي لا تسرع، وكلاهما لم يأت به رواية، وإنما يحملهم على ذلك في أمثاله من تحريفهم ألفاظ النبوة وتغييرها كونهم لم يحفظوها أو ما وصلت إليهم بالرواية، فيذكرون ما يحتمله الخط لعدم معرفتهم باللفظ المروي- انتهى. واخنلف في الركوع دون الصف، فذهب مالك والليث إلى أن الداخل إذا خاف فوت الركعة بأن يرفع الإمام رأسه من الركوع إن تمادى حتى يصل إلى الصف أن له أن يركع دون الصف، ثم يدب راكعاً إذا كان قريباً، وحد القرب أن يصل إلى الصف قبل سجود الامام. وقيل: يدب قدر ما بين الفرجتين. وقيل: ثلاثة صفوف. وكره ذلك الشافعي. وفرق أبوحنيفة بين الجماعة والواحد، فكرهه للواحد، وأجازه للجماعة. وما ذهب إليه مالك روي عن زيد بن ثابت وابن مسعود وعبد الله بن الزبير وأبي أمامة وعطاء. وروى الطبراني في الأوسط من حديث ابن وهب عن ابن جريج عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر يقول: إذا دخل أحدكم المسجد، والناس ركوع فليركع حين يدخل، ثم يدب راكعاً حتى يدخل في الصف، فإن ذلك السنة، قال: قد رأيته يصنع ذلك. قال ابن جريج: وقد رأيت عطاء يصنع ذلك، قال الطبراني: تفرد به ابن وهب، ولم يروه عنه غير حرملة، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد- انتهى. قلت: قد رواه البيهقي (ج٣ ص١٦) من

<<  <  ج: ص:  >  >>