للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطبل بنا. فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موعظة أشد غضباً منه يومئذٍ، ثم قال: إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز،

ــ

لأن قصته كانت مع معاذ. (كما روى أبوداود في باب تخفيف الصلاة) لا مع أبيّ بن كعب. (إني لأتاخر عن الصلاة العداة) أي لا أحضر صلاة الصبح مع الجماعة. وفي رواية للبخاري: عن صلاة الفجر. وإنما خصها بالذكر؛ لأنها تطول فيها القراءة غالباً، ولأن الانصراف منها وقت التوجه لمن له حرفة إليها. (من أجل فلان) يعني إمام مسجد حية أو قبيلته. (مما يطيل بنا) أي من أجل إطالته بنا فما مصدرية، ومن الأولى تعليلية للتأخر والثانية بدل منها. وقال الطيبي: ابتدائية متعلقة بأتأخر، والثانية مع في حيزها بدل منها. والمراد من الإطالة أي في القراءة. وهذه قصة أخرى غير قصة معاذ المتقدمة في باب القراءة في الصلاة. قال الحافظ: أما قصة معاذ فمغايرة لحديث الباب، يعني حديث أبي مسعود هذا؛ لأن قصة معاذ كانت في العشاء وكان الإمام فيها معاذاً، وكانت في مسجد بنى سلمة وهذه كانت في الصبح وكانت في مسجد قبا، ووهم من قرأ الإمام المبهم هنا بمعاذ، بل المراد به أبيّ بن كعب، كما أخرجه أبويعلى بإسناده حسن من رواية عيسى بن جارية عن جابر قال: كان أبي بن كعب يصلي بأهل قبا، فاستفتح سورة طويلة فدخل معه غلام من الأنصار في الصلاة، فلما سمعه استفتحها انفتل من صلاته، فغضب أبيّ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشكو الغلام، وأتى الغلام يشكو أبيًّا، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعرف الغضب في وجهه، ثم قال إن منكم منفرين، فإذا صليتم فأوجزوا، فإن خلفكم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة. (أشد) بالنصب على الحال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (غضباً) منصوب على التمييز. (منه) أي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في صلة أشد. (يومئذٍ) أي يوم أخبر بذلك أي كان اليوم أشد غضباً منه في الأيام الأخر، والمفضل والمفضل عليه وإن كانا واحداً، وهو الرسول؛ لأن الضمير راجع إليه لكن باعتبارين، فهو مفضل باعتبار يومئذٍ، ومفضل عليه باعتبار سائر الأيام. وسبب شدة غضبه - صلى الله عليه وسلم -، إما لمخالفة الموعظة لإحتمال تقدم الإعلام بذلك بقصة معاذ، أو للتقصير في تعلم ما ينبغي تعلمه أو لإرادة الاهتمام بما يليقه على أصحابه ليكونوا من سماعه على بال لئلا يعود من فعل ذلك إلى مثله. (إن منكم) أي بعضكم. (منفرين) بصيغة الجمع من التنفير، أي للناس من الصلاة بالجماعة لتطويلكم المورث للملالة والتضجر. ولم يخاطب المطول على التعيين، بل عمم خوف الخجل عليه لطفاً به وشفقة على جمل عادته الكريمة. (فأيكم) أي أىُّ واحد منكم. (ما صلى بالناس) أي متلبساً بهم إماماً لهم. وكلمة "ما" زائدة، و"صلى" فعل شرط، وزيادة "ما" مع أي الشرطية كثيرة، وفائدتها التوكيد لمعنى الإبهام، وزيادة التعميم، وقيل: "ما" موصوفة منصوبة المحل على المفعول المطلق، أي أيكم أي صلاة صلى. (فليتجوز) جواب الشرط، أي فليخفف في صلاته بهم، يقال: تجوز في صلاته

<<  <  ج: ص:  >  >>