يدل على أن هذا الحديث عند الذهبي والمنذري والحافظ صحيح أو حسن قابل للاحتجاج، وأنهم لم يروا قول الطحاوي: لا يعرف لعبد الرحمن بن حرملة سماع من أبي علي الهمداني قابلاً للالتفات، وكيف يلتفت إلى قوله، وقد رواه عبد الرحمن بن حرملة بلفظ الإخبار عند البيهقي (ج٣ ص١٢٧) حيث قال: أخبرني أبوعلي الهمداني. (فلكم) أي ثواب صلاتكم. قال الحافظ: زاد أحمد. (وكذا البيهقي) ولهم أي ثواب صلاتهم، وهو يغني عن تكلف توجيه حذفها، يشير إلى ما قال المظهر إنما اقتصر على لكم، إذ يفهم من تجاوز ثواب الإصابة إلى غيرهم ثبوته لهم، وقال القاري: أي لكم ولهم على التغليب؛ لأنه مفهوم بالأولى. وقيل: إن الحديث سيق في خطأ الإمام في إصابته وقت الصلاة. والمعنى فإن أصابوا أي الوقت، قاله ابن بطال والطحاوي واستدلا لذلك بما روى النسائي وغيره عن ابن مسعود بسند حسن مرفوعاً: ستدركون أقواماً يصلون الصلاة لغير وقتها فإن أدركتموهم فصلوا في بيوتكم للوقت الذي تعرفون، ثم صلوا معهم، واجعلوها سبحة. والظاهر أن المراد به ما هو أعم من ترك إصابة الوقت، ففي رواية لأحمد (ج٤ ص١٤٥) من حديث عقبة بن عامر المذكور: من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم، وفي رواية له أيضاً (ج٤ ص١٤٧) : فإن صلوا الصلاة لوقتها فأتموا الركوع والسجود فهي لكم ولهم، وإن لم يصلوا الصلاة لوقتها ولم يتموا ركوعها ولا سجودها فهي لكم وعليهم. والرواية الأولى أخرجها البيهقي أيضاً. (وإن اخطأوا) أي ارتكبوا الخطيئة في صلاتهم ككونهم محدثين مثلاً. قال الحافظ: ولم يرد به الخطأ المقابل للعمد؛ لأنه لا إثم فيه. (فلكم) أي ثوابها. (وعليهم) أي عقابها فخطأ الإمام في بعض غير مؤثر في صحة صلاة المأموم إذا أصاب، فلو ظهر بعد الصلاة أن الإمام جنب أو محدث أو في بدنه نجاسة فلا تجب إعادة الصلاة على المؤتم به. قال البغوي في شرح السنة: فيه دليل على أنه إذا صلى بقوم محدثاً إنه تصح صلاة المأمومين خلفه، وعليه الإعادة. ويدل عليه أيضاً ما ذكر المجد بن تيمية في المنتقى أنه صح عن عمر أنه صلى بالناس وهو جنب ولم يعلم فأعاد ولم يعيدوا، وكذلك عثمان وروي عن علي من قوله- انتهى. وإليه وذهب الشافعي، فإن المؤتم عنده تبع للإمام في مجرد الموافقة لا في الصحة والفساد، وبه قال مالك وأحمد. وظاهر قوله "أخطأوا" يدل على ما هو أعم مما ذكر البغوي، كالخطأ في الأركان كما قال القاري فإن أصابوا أي أتوا بجميع ما عليهم من الأركان والشرائط، وإن اخطأوا بأن أخلوا ببعض ذلك عمداً أو سهواً- انتهى. فيكون فيه دليل على صحة الائتمام بمن يخل بشيء من الصلاة ركناً كان أوغيره إذا أتم المأموم، وهو وجه للشافعية بشرط أن يكون الإمام هو الخليفة أو نائبه. وحمله الطحاوى وغيره من الحنفية على الخطأ في إصابة الوقت، كما تقدم؛ لأن المؤتم عندهم تبع للإمام مطلقاً، يعني في الصحة والفساد فيجب عندهم الإعادة على الإمام والمؤتمين جميعاً لو ظهر أنه صلى محدثاً أو جنباً، واستدلوا لذلك بقوله