أحد منا ظهره حتى يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - جبهته على الأرض)) . متفق عليه.
١١٤٣- (٢) وعن أنس، قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما قضى صلاته أقبل علينا بوجهه، فقال: أيها الناس! إني أمامكم فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالإنصراف،
ــ
يحني معاً من بابي دعا ورمى، أي لم يقوس من حنيت العود وحنوته، أي عطفته وثنيته. (أحد منا ظهره) أي لم يثنه من القومة قاصداً للسجود. (حتى يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - جبهته على الأرض) وفي رواية للبخاري: حتى يقع النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجداً ثم نقع سجوداً بعده، أي بحيث يتأخر ابتداء فعلهم عن ابتداء فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويتقدم ابتداء فعلهم قبل فراغه من السجود، إذ أنه لا يجوز التقدم على الإمام، ولا التخلف عنه. ولا دلالة فيه على أن المأموم لا يشرع في الركن حتى يتمه الإمام خلافاً لابن الجوزي. ووقع في حديث عمرو بن حريث عند مسلم: وكان لا يحني رجل منا ظهره حتى يستتم ساجداً، ولأبي يعلى من حديث أنس: حتى يتمكن النبي - صلى الله عليه وسلم - من السجود. قال العيني: معنى هذا كله ظاهر في أن المأموم يشرع في الركن بعد شروع الإمام فيه وقبل الفراغه منه. وقال الحافظ بعد ذكر هذين الحديثين: وهذا أوضح في انتفاء المقارنة- انتهى. قال ابن دقيق العيد: حديث البراء يدل على تأخر الصحابة في الإقتداء عن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يتلبس بالركن الذي ينتقل إليه لا حين يشرع في الهوي إليه. ولفظ الحديث الآخر يدل على ذلك أعني قوله: فإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا فإنه يقتضي تقدم ما يسمى ركوعاً وسجوداً- انتهى. قلت: أحاديث البراء وعمرو بن حريث وأنس وما في معناها كلها دليل على أنه يجب على المأموم متابعة الإمام في أفعاله، وأن السنة أن يتخلف المأموم في الانتقالات عن الإمام، أي لا يقارن الإمام في الهوي إلى الركن، بل يتأخر عن الشروع في الهوي حتى يشرع الإمام في الركن الذي انتقل إليه، وإليه ذهب الشافعي، وهو الحق. وحمل الحنفية هذه الأحاديث على أنه أمرهم بذلك حين بدن، فخشي أن يتقدموا عليه. وفيه أن هذا الحمل محتاج إلى دليل. والحديث فيه دليل على جواز النظر إلى الإمام لأجل اتباعه في انتقالاته في الأركان. (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب السجود على سبعة أعظم. والحديث أخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي والبيهقي (ج٢ ص٩٢) .
١١٤٣- قوله:(فلما قضى صلاته) أي أداها وفرغ منها. (إني إمامكم) يعني وسمي الإمام إماماً ليؤتم به ويقتدي به على وجه المتابعة. (فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالإنصراف) أي لتسليم. وحاصله أن المتابعة واجبة في الأحوال المذكورة. واستدل به بعضهم على جواز المقارنة. ورد بأنه دل منطوقه على منع المسابقة وبمفهومه على طلب المتابعة. وأما المقارنة فمسكوت. قال النووي: المراد بالإنصراف السلام- انتهى.