للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. .

ــ

أو من قول عمرو بن دينار، فعلى هذا تكون مدرجة، فلا تقبل. ومع هذا لا تدل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا. وأجاب الحافظ عنه بأن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل. فمهما كان مضموماً إلى الحديث فهو منه. ومجرد الاحتمال لا يثبت به الإدراج. فرد هذه الزيادة بمجرد احتمال أن تكون مدرجة، باطل جداً. وثانيها أنه يحتمل أن تكون هذه الزيادة من قول جابر، فعلى هذا لا تكون مدرجة، لكن لا تدل على حقيقة فعل معاذ أنه كذلك أم لا، لأنه لم يحك ذلك عن معاذ، بل هو ظن من جابر. وقد يجوز أن يكون في الحقيقة بخلاف ذلك. وأجاب الحافظ عنه بأن قول الطحاوي: هو ظن من جابر، مردود، لأن جابراً كان ممن يصلي مع معاذ، فهو محمول على أنه سمع ذلك منه، ولا يظن بجابر أنه يخبر عن شخص بأمر غير مشاهد إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه. وثالثها أنه لو ثبت أن هذه الزيادة نقلها جابر عن معاذ وسمعها منه لم يكن في ذلك دليل على أنه كان بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو أخبره به لأقره أو غيره، فعلى هذا لا تكون فيها حجة. وأجاب الحافظ عنه بأنهم لا يختلفون في أن رأي الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع هنا كذلك، فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة، وفيهم ثلاثون عقبياً وأربعون بدرياً، قاله ابن حزم، قال: ولا يحفظ عن غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر وابن عمر وأبوالدرداء وأنس وغيرهم- انتهى. قلت: ويمكن أن يجاب بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك، وأمر معاذ به. ففي رواية لأحمد أنه قال لمعاذ: لا تكن فتاناً، إما أن تصلي معي. وإما أن تخفف على قومك، يعني إما تصلي معي إذا لم تخفف. وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي. ورابعها أنه لو سلم أن ذلك كان من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذنه لم يكن فيه حجة، لاحتمال أن ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلى مرتين، فإن ذلك قد كان يفعل في أول الإسلام حتى نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما سيأتي في حديث سليمان عن ابن عمر في آخر الفصل الثالث، يعني فيكون فعل معاذ منسوخاً بما روي من النهي. وتعقب ذلك بأنه يتضمن إثبات النسخ بالاحتمال، وهو لا يسوغ. وأما حديث ابن عمر ففي الاستدلال به على تقدير صحته نظر، لاحتمال أن يكون النهي عن أن يصلوا مرتين على أنهما فريضة. وبذلك جزم البيهقي جمعاً بين الحديثين، بل لو قال قائل: هذا النهي منسوخ بحديث معاذ لم يكن بعيداً. ولا يقال إن القصة قديمة، لأن صاحبها استشهد بأحد. لأنا نقول كانت أحد في أواخر الثالثة، فلا مانع من أن يكون النهي في الأولى، والإذن في الثالثة مثلاً، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - للرجلين الذين لم يصليا معه: إذا صليتما في حالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم فإنها لكما نافلة، وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويدل على الجواز أيضاً أمره - صلى الله عليه وسلم - لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده،

<<  <  ج: ص:  >  >>