فصلى، ورجع، ومحجن في مجلسه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ فقال: بلى، يا رسول الله! ولكني كنت قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا جئت المسجد، وكنت قد صليت، فأقيمت الصلاة، فصل مع الناس وإن كنت قد صليت)) . رواه مالك، والنسائي.
ــ
معه- الحديث. (فصلى) أي بعد الإقاومة. (ورجع) وفي الموطأ، وكذا عند النسائي: ثم رجع أي بعد الفراغ من الصلاة (ومحجن في مجلسه) أي مكانه الأول لم يتحرك منه. (ما منعك أن تصلي مع الناس) أي جماعة المسلمين الذين صلوا معي. (ألست برجل مسلم) قال الباجي: يحتمل الاستفهام، ويحتمل التوبيخ، وهو الأظهر. ولا يقتضي أن من لم يصل مع الناس ليس بمسلم، إذ هذا لا يقوله أحد- انتهى. (فقال بلى يا رسول الله) أنا مسلم حقاً. (ولكني كنت قد صليت) وفي الموطأ: ولكني قد صليت أي بدون لفظ: كنت (في أهلي) يعني ما تركت الصلاة، وإنما اكتفيت بصلاتي في أهلي. ولعله سمع قبل ذلك قوله: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. (إذا جئت المسجد وكنت قد صليت فأقيمت الصلاة فصل مع الناس) ولفظ الموطأ والنسائي: إذا جئت فصل مع الناس. ولفظ الكتاب لم أجده إلا في جامع الأصول. وقد نسبه إلى الموطأ والنسائي. وزاد أحمد في رواية له: واجعلها نافلة. (وأن) وصلية أي ولو. (كنت قد صليت) أي في أهلك. قال الطيبي: تكرير تقرير لقوله: وكنت قد صليت، وتحسين للكلام، كما في قوله تعالى. {ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة، ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}[١٦: ١١٩] فقوله: لغفور رحيم، خبر لقوله: إن ربك للذين عملوا السوء، وقوله: إن ربك من بعدها تكرير للتقرير والتحسين –انتهى. والحديث بعمومه وإطلاقه يدل على مشروعية الصلاة مع الإمام إذا وجده يصلي أو سيصلي أي صلاة كانت من الصلوات الخمس لمن كان قد صلى جماعه أو فرادى، والأولى هي الفريضة. والأخرى نافلة، كما صرح به في رواية لأحمد، (رواه مالك) عن زيد بن أسلم عن بسر عن أبيه محجن، والنسائي من طريق مالك، وأخرجه أيضاً أحمد (ج٤ ص٣٤) من طريق الثوري، ومالك عن زيد بن أسلم. ونسبه الحافظ في الإصابة للبخاري في الأدب المفرد، وابن خزيمة، ونسبه أيضاً في التلخيص لابن حبان والحاكم. وأخرجه أيضاً الطحاوي والدارقطني والدارمي والبيهقي (ج٢ ص٣٠٠) ، وهو في المستدرك (ج١ ص٢٤٤) . من طريق مالك ومن طريق الشافعي عن عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم، ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ومالك بن أنس الحكم في حديث المدنيين، وقد احتج به في الموطأ، وهو من النوع الذي قدمت ذكره أن الصحابي إذا لم يكن له راويان لم يخرجاه- انتهى.