في بيته صلى ركعتين. وكذا قال ابن تيمية وابن القيم، كما في زاد المعاد (ج١ ص١٢٤) . وكأنهم جمعوا بذلك بين الحديثين فإن حديث الأربع مطلق وليس مقيداً بكونها في البيت. وأما حديث الركعتين فهو مقيد بكونهما في البيت، فحملوا حديث الركعتين على ما إذا صلى في البيت وحديث الأربع على ما إذا صلى في المسجد. وفيه أنه لو كان الأمر كما قال هؤلاء لما صلى ابن عمر بعد الجمعة في المسجد ركعتين، فإنه هو الذي روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. قال الترمذي بعد ذكر قول إسحاق بن راهوية ما نصه: وابن عمر هو الذي روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، وابن عمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في المسجد بعد الجمعة ركعتين وصلى بعد الركعتين أربعاً، وحمل النسائي حديث ابن عمر على أنه للإمام حيث بوب عليه بلفظ: صلاة الإمام بعد الجمعة وحمل حديث أبي هريرة على أنه لمن يصلي في المسجد فقد بوب له: عدد الصلاة بعد الجمعة في المسجد. ومال الشوكاني إلى أن الأربع للأمة سواء كانت في المسجد أو في البيت لإطلاقه وعدم تقييده بالبيت. وأما الركعتان فللنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، قال: وفعله لا ينافي مشروعية الأربع لعدم المعارضة بين قوله الخاص بالأمة وفعله الذي لم يقترن بدليل خاص يدل على التأسي به فيه، وذلك لأن تخصيصه للأمة بالأمر يكون مخصصاً لأدلة التأسي العامة- انتهى. واختلف العلماء في عدد الراتبة بعد الجمعة فأقلها عند الحنابلة ركعتان وأكثرها ستة، فنقل ابن قدامة في المغني عن أحمد أنه قال: إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين وإن شاء صلى أربعاً. وفي رواية عنه: وإن شاء ستاً. وأما عند الشافعية فالمؤكدة ركعتان والمستحب أربع ركعات. وحكى الترمذي عن الشافعي وأحمد أنهما قالا بحديث ابن عمر. قال العراقي: لم يرد الشافعي وأحمد بذلك إلا بيان أقل ما يستحب، وإلا فقد استحبا أكثر من ذلك. فنص الشافعي في الأم على أنه يصلي بعد الجمعة أربع ركعات، ذكره في باب صلاة الجمعة والعيدين. ثم ذكر العراقي ما تقدم من كلام أحمد نقلاً عن المغني. وأما المالكية فالمستحب عندهم ركعتان في البيت، لأنه لا رغيبة عندهم إلا للصبح. قال في المدونة: قال ابن القاسم قال مالك: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الجمعة انصرف ولم يركع في المسجد، قال: وإذا دخل بيته ركع ركعتين، قال مالك: وينبغي للأئمة اليوم إذا سلموا من صلاة الجمعة أن يدخل الإمام منزله ويركع ركعتين ولا يركع في المسجد، قال: ومن خلف الإمام إذا سلموا أحب إلى أن ينصرفوا أيضاً ولا يركعوا في المسجد، قال: وإن ركعوا فذلك واسع- انتهى. وأما الحنفية فالمؤكد عندهم أربع لحديث أبي هريرة، وأما ما روي من فعله - صلى الله عليه وسلم - فليس فيه ما يدل على المواظبة. وقال أبويوسف يصلي ستاً جمعاً بين قوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله، وروي ذلك عن علي وابن عمر وأبي موسى، وهو قول عطاء والثوري إلا أن أبا يوسف استحب أن يقدم الأربع قبل الركعتين كيلا يصير متطوعاً بعد صلاة الفرض يمثلها. قال الشيخ في شرح الترمذي: ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - ركعتان بعد الجمعة فعلاً وأربع قولاً. وأما الست فلم تثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -