وكنا نصلي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد الغروب الشمس قبل صلاة المغرب، فقلت له: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليهما؟ قال: يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا)) . رواه مسلم.
١١٨٧- (٢٢) وعن أنس، قال:((كنا بالمدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، ابتدروا السواري،
فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد، فيحسب أن الصلاة قد صليت
من كثرة من يصليهما)) .
ــ
فيها وهذا أيضاً يدل لما قلناه- انتهى كلام الحافظ. (فقلت) قول المختار بن فلفل الراوي (له) أي لأنس. (أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليهما) كذا في جميع النسخ الموجودة، وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج٧ ص٢٣) ولفظ مسلم: صلاهما أي بصيغة الماضي، وكذا نقله المجد بن تيمية في المنتقى. ولفظ أبي داود: أراكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال) أنس. (كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا) قال الطيبي: أي لم يأمر من لم يصل ولم ينه من صلى- انتهى. قلت: وتقريره - صلى الله عليه وسلم - لمن يراه يصلي في ذلك الوقت يدل على عدم كراهة الصلاة فيه ولاسيما والفاعل لعله لذلك عدد كثير من الصحابة، وقد ثبت أمره بذلك، لكن لا على سبيل الوجوب، بل على طريق الندب والاستحباب، كما تقدم في شرح حديث عبد الله بن مغفل في الفصل الأول. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أبوداود والبيهقي (ج٢ ص٤٧٥) .
١١٨٧- قوله:(ابتدروا) أي ناس من الصحابة. (السواري) بتخفيف الياء، جمع سارية، وهي الأسطوانة، أي تسارعوا، واستبقوا إلى الأسطوانات للاستتار بها ممن يمر بين أيديهم لكونهم يصلون فرادى. والمعنى وقف كل من سبق خلف الأسطوانة. (حتى إن الرجل الغريب) بكسر همزة إن، وجوز فتحها. والغريب الأجنبي البعيد عن وطنه. قال ابن حجر: حتى عاطفة لما بعدها على جملة ابتدروا. (فيحسب) بكسر السين وفتحها أي فيظن. (أن الصلاة) أي التي هي فرض المغرب. (قد صليت من كثرة من يصليهما) أي الركعتين. والحديث رواه البخاري في باب كم بين الأذان والإقامة من طريق عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس. قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم كذلك يصلون ركعتين قبل المغرب، ورواه في باب الصلاة إلى الأسطوانة بلفظ قال: لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري عند المغرب. قال القرطبي: ظاهر حديث أنس أن الركعتين بعد أذان المغرب وقبل صلاة المغرب كان أمراً قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عليه، وعملوا به حتى كانوا يستبقون إليه. وهذا يدل على الاستحباب. وكان أصله قوله - صلى الله عليه وسلم -: بين كل أذانين صلاة. وأما كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلهما فلا ينفي الاستحباب بل يدل على أنهما