إحدى عشرة ركعة، يسلم من ركعتين، ويوتر بواحدة، فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر،
ــ
نوم أم لا. (إحدى عشرة ركعة) أي في غالب أحواله. وقال السندي في حاشية ابن ماجه: قوله إحدى عشرة ركعة وقد جاء ثلاث عشرة ركعة. فيحمل على أن هذا كان أحياناً، أو لعله مبني على عد الركعتين الخفيفتين اللتين يبدأ بهما صلاة الليل من صلاة الليل أحياناً، وتركه أخرى. وعلى كل تقدير فهذه الهيئة لصلاة الليل لا بد من حملها على أنها كانت أحياناً، وإلا فقد جاءت هيئات أخرى في قيام الليل-انتهى. (يسلم من كل ركعتين) فيه أن الأفضل في صلاة الليل أن يسلم من كل ثنتين، ويدل عليه أيضاً قوله: صلاة الليل مثنى مثنى. (ويوتر بواحدة) فيه أن أقل الوتر ركعة وأن الركعة الفردة صلاة صحيحة، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، وهو الحق. وقال أبوحنيفة: لا يصح الإيتار بواحدة ولا تكون الركعة الواحدة صلاة قط. قال النووي: والأحاديث الصحيحة ترد عليه. قال الحافظ: حمل الطحاوي هذا ومثله على أن الركعة مضمومة إلى الركعتين قبلها، ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البتيراء، مع احتمال أن يكون المراد بالبتيراء أن يوتر بواحدة فردة ليس قبلها شيء، وهو أعم من أن يكون مع الوصل أو الفصل- انتهى. قلت: حديث النهي عن البتيراء أخرجه ابن عبد البر في التمهيد، وفيه عثمان بن محمد بن ربيعة، وهو متكلم فيه. قال ابن القطان: الغالب على حديثه الوهم، مع أن قول عائشة: يسلم من كل ركعتين، ظاهر في الفصل فإنه يدخل في الركعتان اللتان قبل الأخيرة، فهو كالنص في موضع النزاع. (فيسجد سجدة من ذلك) الفاء لتفصيل المجمل يعني فيسجد كل واحدة من سجدات تلك الركعات طويلة. (قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية) وفي رواية للبخاري: كان يصلي إحدى عشرة ركعة كانت تلك صلاته تعني بالليل، فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ الخ. وهي ظاهرة في أن المراد بيان طول سجود ركعات صلاة الليل، لا قدر سجدة منفردة بعد الوتر، كما فهم النسائي وغيره. وفي رواية أخرى للبخاري: يسجد السجدة من ذلك أي بغير الفاء. قال القسطلاني: الألف واللام لتعريف الجنس. فيشمل سجود لإحدى عشرة، والتاء فيه لا تنافي ذلك. والتقدير يسجد سجدات تلك الركعات طويلة قدر ما، أي بقدر ما، ويصح جعله صفا لمصدر محذوف، أي سجودا قدر ما، أو يمكث مكثا قدر ما. (قبل أن يرفع رأسه) من السجدة أي قبل إتمام السجود، وكان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، كما تقدم في باب الركوع من حديث عائشة، وعنها كان - صلى الله عليه وسلم - يقول في صلاة الليل في سجوده: سبحانك لا إله إلا أنت. رواه أحمد في مسنده بإسناد رجاله ثقات. والحديث فيه دليل على استحباب تطويل السجود في قيام الليل، وقد بوب عليه البخاري باب طول السجود في قيام الليل. (فإذا سكت) بالتاء الفوقية. (المؤذن) أي فرغ. (من صلاة الفجر) أي من أذانها. (وتبين له الفجر) أي ظهر وانتشر. قال الطيبي: يدل على أن التبين لم يكن