نعرفه إذا نام بنفخه (فآذنه) بالمد أي أعلمه. (بالصلاة) أي بصلاة الصبح. (فصلى) أي ركعتي الفجر ثم خرج إلى المسجد فصلى الصبح بالجماعة. (ولم يتوضأ) قيل: إنما لم يتوضأ وقد نام حتى نفخ، لأن النوم لا ينقض الطهر بنفسه، بل لأنه مظنة خروج الخارج. ولما كان قلبه عليه السلام يقظان لا ينام، ولم يكن نومه مظنة في حقه فلا يؤثر. ولعله أحس بتيقيظ قلبه بقاء طهوره. وهذا من خصائصه عليه السلام. قال الطيبي: فيقظة قلبه تمنعه من الحدث، وما منع النوم إلا ليعي الوحي إذا أوحي إليه في منامه، فالوضوء الأول إما لنقض آخر أو لتجديد وتنشيط. واعلم أن قوله: فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة الخ يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة غير ركعتي الفجر، وهي رواية الثوري عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس عند البخاري في الدعوات، وأخرجها أيضاً مسلم. وقد اختلف على كريب أصحابه في بيان العدد، لكن اتفق أكثرهم على أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة وركعتي الفجر. وفي رواية شريك بن أبي النمر عنه عند البخاري في التفسير: فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذن بلال فصلى ركعتين. ونحوه في رواية الضحاك بن عثمان عن مخرمة عن كريب عند مسلم، فخالف شريك الأكثر، وروايتهم مقدمة على روايته لما معهم من الزيادة، ولكونهم أحفظ منه. وحمل بعضهم الزيادة على سنة العشاء، ولا يخفي بُعده لاسيما مع رواية الكتاب هذا. وقد ورد عن ابن عباس في حكاية صلاته - صلى الله عليه وسلم - بالليل الذي بات فيه عنده أحاديث كثيرة بروايات مختلفة رواها عنه علي بن عبد الله بن عباس وعطاء وأبوجمرة وسعيد بن جبير ويحيى بن الجزاز وغيرهم. قال الحافظ بعد ذكر الاختلاف في رواية كريب، وفي رواية سعيد بن جبير ما لفظه: وأكثر الرواة عنه لم يذكروا عدداً، ومن ذكر العدد منهم لم يزد على ثلاث عشرة، ولم ينقص عن إحدى عشرة، إلا أن في رواية علي بن عبد الله بن عباس عند مسلم ما يخالفه، فإن فيه فصلى ركعتين أطال فيهما، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ففعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، يعني آخر آل عمران ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة- انتهى. فزاد على الرواية تكرار الوضوء وما معه ونقص عنه ركعتين أو أربعاً. ولم يذكر ركعتي الفجر أيضاً، وأظن ذلك من الراوي عنه حبيب بن أبي ثابت، فإن فيه مقالاً، وقد اختلف عليه فيه في إسناده ومتنه اختلافاً، ويحتمل أنه لم يذكر الأربع الأول. وأما سنة الفجر فقد ثبت ذكرها في طريق أخرى عن على بن عبد الله بن عباس عند أبي داود. والحاصل أن قصة مبيت ابن عباس يغلب على الظن عدم تعددها، فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات، ولا شك أن الأخذ بما اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خالفهم فيه من هو دونهم، ولاسيما إن زاد أو نقص. والمحقق من عدد صلاته تلك الليلة إحدى عشرة. وأما رواية ثلاث عشرة فيحتمل أن يكون منها ست العشاء- انتهى. ويعكر على هذا الجمع رواية الثوري