١٢٣٧- (١٢) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها
ــ
هذا النوع، يعني غريب الإسناد فقط، ينعكس، فلا يوجد أبدأ ما هو غريب متناً وليس غريباً إسناداً إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن انفرد به، فرواه عنه عدد كثير، فإنه يصير غريباً مشهوراً وغريباً متناً لا إسناداً، لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد، فإن إسناده غريب في طرفه الأول، مشهور في طرفه الآخر، كحديث: إنما الأعمال بالنيات، فإن الشهرة إنما طرأت له من عند يحيى بن سعيد، وما ذكره من أن غريب الإسناد لا ينعكس هو بالنظر إلى الوجود كما قال، وإلا فالقسمة العقلية تقتضي العكس، ومن ثم قال ابن سيد الناس، فيما شرحه من الترمذي الغريب أقسام: غريب سنداً ومتناً، أو متناً لا سنداً، أو سنداً لا متناً، وغريب بعض السند، وغريب بعض المتن، فالأول واضح، والثاني هو الذي أطلقه، ولم يذكر له مثالاً لعدم وجوده، ثم ذكر الزرقاني أمثلة الأقسام الثلاثة الباقية، ولا تنافي بين الغرابة والصحة، كما بين في علم الأصول. قال الزرقاني: الغرابة تجامع الصحة والضعف، فالغريب الصحيح كأفراد الصحيح وهي كثيرة، والغريب الذي ليس بصحيح هو الغالب على الغريب- انتهى مختصراً. وحديث عمرو بن عبسة هذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحة والحاكم والبيهقي، وله حديث آخر مطول أخرجه أحمد (ج٤ ص١١٤) وفيه: فقلت هل من ساعة أقرب إلى الله تعالى؟ قال جوف الليل الآخر- الحديث.
١٢٣٧- قوله:(رحم الله رجلاً) خبر عن استحقاقه الرحمة واستجابة لها، أو دعاء له ومدح له بحسن ما فعل. وقال العلقمي: هو ماض بمعنى الطلب. (قام من الليل) أي بعضه. (فصلى) أي التهجد. (وأيقظ امرأته) وفي حديث أبي سعيد وأبي هريرة الآتي: إذا أيقظ الرجل أهله، وهو أعم لشموله الولد والأقارب. (فصلت) ما كتب الله لها ولو ركعتين. (فإن أبت) أن تستيقظ. وقيل: أي امتنعت عن القيام لغلبة النوم، وكثرة الكسل. (نضح) وفي رواية ابن ماجه: رش. (في وجهها الماء) ليزول عنها النوم. والمراد التلطف معها، والسعي في قيامها لطاعة ربها مهما أمكن. قال تعالى:{وتعانوا على البر والتقوى}[٥:٢] . وفيه أن أصاب خيراً ينبغي له أن يتحرى إصابة الغير، وأن يحب له ما يحب لنفسه، فيأخذ بالأقرب فالأقرب. وقوله:"رحم الله" تنبيه للأمة بمنزلة رش الماء على الوجه لاستيقاظ النائم، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما نال بالتهجد ما نال من الكرامة والمقام المحمود أراد أن يحصل لأمته نصيب وافر، فحثهم على ذلك بألطف وجه. قيل: خص الوجه بالنصح؛ لأنه أفضل الأعضاء وأشرفها، وبه يذهب النوم والنعاس أكثر من بقية الأعضاء، وهو أول الأعضاء المفروضة غسلاً، وفيه العينان وهما آلة النوم. (رحم الله امرأة قامت من الليل) أي وقفت بالسبق. (فصلت) صلاة التهجد. (وأيقظت زوجها)