يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام،
وتابع الصيام، وصلي بالليل والناس نيام)) . رواه البيهقي في شعب الإيمان.
١٢٤٠- (١٥) وروى الترمذي عن علي نحوه، وفي روايته:((لمن أطاب الكلام.
ــ
أي البيت فوق البيت أي علالي في غاية من اللطافة ونهاية من الصفاء والنظافة. (يرى) بالبناء للمفعول. (ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها) لكونها شفافة لا تحجب ما وراءها. (أعدها الله) أي هيأها. (لمن ألان) أي أطاب كما في رواية. (الكلام) أي بمداراة الناس، واستعطافهم. قال الطيبي: جعل جزاء من تلطف في الكلام الغرفة، كما في قوله تعالى:{أولئك يجزون الغرفة}[٢٥: ٧٥] بعد قوله: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً}[٢٥: ٦٣] . وفيه تلويح على أن لين الكلام من صفات عباد الله الصالحين الذين خضعوا لبارئهم، وعاملوا الخلق بالرفق في القول والفعل، وكذا جعلت جزاء من أطعم، كما في قوله:{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا}[٢٥: ٦٧] ، وكذا جعلت جزاء من صلى بالليل، كما في قوله:{والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً}[٢٥: ٦٤] . ولم يذكر في التنزيل الصيام استغناء بقوله بما صبروا؛ لأن الصيام صبر كله. (وأطعم الطعام) للعيال والفقراء والأضياف ونحو ذلك، قاله المناوي. وقيل: يكفي في إطعام الطعام أهله ومن يمونه، وهذا إذا قصد الاحتساب. وقيل: المراد بالطعام الزائد على ما يحتاجه لنفسه وعياله. (وتابع الصيام) أي أكثر منه بعد الفريضة بحيث تابع بعضها بعضاً، ولا يقطعها رأساً، قاله ابن الملك. وقيل: يكفي في متابعة الصوم مثل حال أبي هريرة وابن عمر وغيرهما من صوم ثلاثة أيام من كل شهر أوله، ومثلها من أوسطه وآخره، والاثنين، والخميس، ويوم عرفة وعاشوراء وعشر ذي الحجة. وفي رواية: أدام الصيام. والمراد به الكثرة، لا المواصلة، ولا صوم الدهر. (وصلى بالليل) أي تهجد لله تعالى. (والناس) أي غالبهم. (نيام) بكسر النون. جمع نائم أي لا يتهجدون. وإن لم يكونوا نائمين. والأوصاف الثلاثة أي لين الكلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل إشارة إلى استجماع صفة الجود والتواضع والعبادة المتعدية واللازمة. (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أيضاً أحمد وابن حبان في صحيحة، والطبراني في الكبير. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج٢ ص٢٥٤) بعد عزوه إلى الطبراني: رجاله ثقات.
١٢٤٠- (وروى الترمذي عن علي) أي ابن أبي طالب. (نحوه) في باب قول المعروف من أبواب البر والصلة، وفي باب صفة غرف الجنة من أبواب صفة الجنة. ولفظه: إن في الجنة غرفاً، ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ فقال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام،