للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن قل)) . متفق عليه.

١٢٥١- (٣) وعنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا من الأعمال

ــ

أي عائشة: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومه. قال ابن العربي: معنى المحبة من الله تعلق الإرادة بالثواب أي أكثر الأعمال ثواباً أدومها. (وإن قل) أي ولو قل العمل، والحاصل أن العمل القليل مع المداومة والمواظبة خير من العمل الكثير مع ترك المراعاة والمحافظة؛ لأن العمل القليل يصل إلى الأكثر من الكثير الذي يفعل مرة أو مرتين ثم يترك ويترك العزم على العمل الصالح مما يثاب عليه، وأيضاً أن العمل الذي يداوم عليه هو المشروع، وأن ما توغل فيه بعنف ثم قطع فإنه غير مشروع، قاله الباجي. قال النووي: في الحديث الحث على المداومة على العمل، وإن قليلة الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان كذلك؛ لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، بخلاف الكثير المنقطع، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة. وقال ابن الجوزي: إنما أحب الدائم لمعنيين: أحدهما: أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل، وهو متعرض للذم، ولذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه. والثاني: أن مداوم الخير ملازم للخدمة، وليس من لازم الباب في كل يوم وقتاً ما كمن لازم يوماً كاملا ثم انقطع- انتهى. (متفق عليه) أخرجه البخاري في باب القصد والمداومة على العمل من كتاب الرقاق. ومسلم في الصلاة. وأخرجه أيضاً مالك والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج٢ ص٤٨٥) بألفاظ متقاربة. قال في الأزهار: هذا الحديث من إفراد مسلم. قال الأبهري: لعل المصنف جعله متفقاً عليه، لما روى البخاري عن مسروق قال: سألت عائشة أي الأعمال أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟: قالت: الدائم- انتهى. فتكون رواية البخاري نحو رواية مسلم في المعنى، ويكون الحديث متفق عليه بتفاوت يسير في اللفظ، والمصنف قد لا يلتفت إليه. قلت الحديث بهذا السياق موجود في البخاري، فقد روي من طريق أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سددوا وقاربوا- الحديث، وفيه: أن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل. وفي رواية: قالت: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومه وإن قل. وقال أكلفوا من الأعمال ما تطيقون.

١٢٥١- قوله: (خذوا من الأعمال) أي من أعمال البر صلاة وغيرها، وحمله الباجي وغيره على الصلاة خاصة؛ لأن الحديث ورد فيها. لما روى مسلم عن عائشة أن الحولاء بنت تُوَيْت مرت بها وعندها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: هذه الحولاء بنت تويت زعموا أنها لا تنام الليل. وفي رواية: لا تنام تصلي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تنام الليل خذوا من العمل الخ. وحمله على جميع العبادات أولى؛ لأن العبرة لعموم اللفظ. وقال عياض: يحتمل أن يكون هذا خاصا بصلاة الليل، ويحتمل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>