ورد حديث آخر صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وإنما قلنا إنه ظاهر اللفظ؛ لأن المبتدأ محصور في الخبر، فيقتضي ذلك حصر صلاة الليل فيما هو مثنى، وذلك هو المقصود إذ هو ينافي الزيادة لما انحصرت صلاة الليل في المثنى- انتهى. وقال الأمير اليماني: قال مالك لا تجوز الزيادة على اثنين؛ لأن مفهوم الحديث الحصر؛ لأنه في قوة ما صلاة الليل إلا مثنى مثنى؛ لأن تعريف المبتدأ قد يفيد ذلك على الأغلب- انتهى. ويجوز الزيادة على الركعتين عند الشافعي وأحمد وأبي حنيفة، لما صح وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى النافلة أكثر من ركعتين، ومحمل الحديث عند الشافعي وأحمد على أنه لبيان الأفضل، لما صح من فعله - صلى الله عليه وسلم - يخالف ذلك، ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلام بين كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه الراحة غالباً وقضاء ما يعرض من أمر مهم، ومحمله عند الحنفية الحصر في الإشفاع، يعني لا يجوز الجلوس على الأكثر أو الأقل من ركعتين. قال في الهداية: ومعنى ما رواه شفعاً لا وتراً، وقد تقدم الرد عليه في كلام الحافظ. واستدل به أيضاً على عدم النقصان عن ركعتين في النافلة ما عدا الوتر، واختلفوا فيه أيضاً فقال مالك وأبوحنيفة: التطوع بركعة واحدة باطل، إلا أنهما اختلفا في الوتر فقال مالك بالجواز، وأبوحنيفة بالمنع. وذهب الشافعي وأحمد إلى جواز التطوع بركعة فردة، واستدل بعض الشافعية للجواز بعموم قوله: الصلاة خير موضوع فمن شاء استكثر ومن شاء استقل، صححه ابن حبان وقد اختلف من رأى الزيادة على الركعتين في النافلة في الفصل والوصل أيهما أفضل، فذهب الشافعي وأحمد إلى أن الفصل في صلاة الليل والنهار أفضل، واستدل لهما بما رواه الترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر مرفوعاً: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. وتعقب بأن أكثر أئمة الحديث أعلوا زيادة قوله والنهار وضعفوها؛ لأنها من طريق علي الأزدي البارقي عن ابن عمر، وهو ضعيف عند ابن معين. روى محمد بن نصر في سؤالاته وابن عبد البر في التمهيد عن يحيى بن معين أنه قال صلاة النهار أربع لا تفصل بينهن، فقيل له إن ابن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأي حديث؟ فقيل له: بحديث الأذري عن ابن عمر، فقال: ومن على الأذري؟ حتى أقبل هذا منه وأدع يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتطوع بالنهار أربعاً لا يفصل بينهن، لو كان حديث الأذري صحيحاً لم يخالفه ابن عمر يعني مع شدة إتباعه. وقال الترمذي: وروى الثقات عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكروا فيه صلاة النهار وحكم النسائي على راويها بأنه أخطأ فيها. وقال الدارقطني في العلل: إنها وهم. وقال الحافظ: روى ابن وهب بإسناد قوي عن ابن عمر قال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى موقوف. أخرجه ابن عبد البر من طريقة فلعل الأذري اختلط عليه الموقوف بالمرفوع، فلا تكون هذه الزيادة صحيحة على طريقة من يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا- انتهى. قلت: قد صححها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في المستدرك وقال: رواتها ثقات. وقال الخطابي: إن سبيل الزيادة