التي في التشهد، ولا يخفى بُعد هذا التأويل- انتهى. وحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر بركعة، رواه ابن حبان من طريق كريب، ذكره في التلخيص، وفي هذه الأحاديث رد على ابن الصلاح فيما قال: لا نعلم في روايات الوتر مع كثرتها أنه عليه السلام أوتر بواحدة فحسب، وذهب أبوحنيفة إلى أن الوتر ثلاث ركعات موصولة بتشهدين وتسليمة واحدة لا أقل منها ولا أكثر، فالوتر عنده كصلاة المغرب يجلس في الثانية ثم يقوم دون تسليم ويأتي بالثالثة ثم يجلس ويتشهد ويسلم. واستدل له بالأحاديث التي تدل على الإيتار بثلاث ركعات، كحديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يسلم في ركعتي الوتر. أخرجه النسائي والحاكم (ج١ ص٣٠٤) والدارقطني والبيهقي (ج٣ ص٣١) بإسناد حسن، وكحديث أبي بن كعب عند النسائي بلفظ: يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، لا يسلم إلا في آخرهن. وقد بين في عدة طرق أن السور الثلاث بثلاث ركعات، وكحديث ابن أبزى عند النسائي أيضاً نحوه. وفيه أن هذه الأحاديث ليس فيها ما يدل على الحصر في الإيتار بالثلاث، وأنه لا يجوز أقل منها ولا أكثر، وليس فيها تصريح الجلوس في الركعة الثانية، بل في رواية عائشة عند الحاكم (ج١ ص٣٠٤) على ما نقله الحافظ في الفتح والتلخيص، والزرقاني في شرح المواهب اللدنية، والذهبي في تلخيص المستدرك، وقد صوب ذكرها النيموني في تعليق التعليق، وذكرها أيضاً البيهقي (ج٣ ص٣١) نفي الجلوس في الثانية. ولفظها: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن، وكذا ينفيه حديث النهي عن التشبه بصلاة المغرب، ولم أجد حديثاً مرفوعاً صحيحاً صريحاً في إثبات الجلوس في الركعة الثانية عند الإيتار بثلاث. واستدل له أيضاً بحديث النهي عن البتيراء، وسيأتي الجواب عنه. قال الحافظ في الفتح: وحمل الطحاوي قول عائشة: يسلم من كل ركعتين ويوتر ركعتين ويوتر بواحدة ومثله على أن الركعة مضمومة إلى الركعتين قبلها ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البتيراء. أخرجه ابن عبد البر في التمهيد عن عبد الله بن محمد يوسف نا أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج نا أبي نا الحسن بن سليمان قبطية نا عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها. وأجيب عنه بوجوده: أحدها أنه حديث ضعيف، فإن في سنده عثمان ابن محمد. قال عبد الحق في أحكامه بعد ذكره من جهة ابن عبد البر: الغالب على حديث عثمان بن محمد بن ربيعة الوهم. وقال ابن قطان في كتاب الوهم والإيهام: هذا حديث شاذ لا يعرج عليه ما لم يعرف العدالة رواته، وعثمان بن محمد بن ربيعة الغالب على حديثه الوهم. والثاني أن معارض بما رواه ابن ماجه والطحاوي ومحمد بن نصر من طريق الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله المخزومي أن رجلاً سأل ابن عمر عن الوتر، فأمره بثلاث يفصل بين شفعه ووتره