قال: انطلقت إلى عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن. قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله، ويحمده، ويدعوه، ثم ينهض، ولا يسلم، فيصلي التاسعة، ثم يقعد، فيذكر الله، ويحمده، ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا،
ــ
ثقة من أوساط التابعين. قال في التقريب: استشهد بأرض الهند. وفي تهذيب التهذيب ذكر البخاري: أنه قتل بأرض مكران على أحسن أحواله. قال أبوبكر الحازمي: مكران بضم الميم، بلدة بالهند. وذكره ابن حبان في الثقات: وقال قتل بأرض مكران غازياً. (أنبئيني) وقال في رواية: حدثيني، يعني أخبريني. (عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بضمتين، وقد يسكن الثاني أي أخلاقه وشمائله وعاداته. (فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن) أي كان متمسكاً بآدابه وأوامره ونواهيه ومحاسنه، ويوضحه أن جميع ما فصل في كتاب الله من مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب مما قصه عن نبي أو ولي أو حث عليه أو ندب إليه أو ذكر بالوصف الأتم والنعت الأكمل كان - صلى الله عليه وسلم - متحلياً به ومتولياً له ومتخلقاً به وبالغاً فيه من المراتب أقصاها، حتى جمع له من ذلك ما تفرق في سائر الخلائق، وكل ما نهى الله تعالى عنه فيه ونزه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يحوم حوله، ويبين ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. قال النووي: معناه العمل بالقرآن والوقوف عند حدود والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته-انتهى. وفيه إشارة إلى قوله تعالى. {إنك لعلى خلق عظيم}[٤:٦٨] . (عن وتر رسول الله) أي عن وقته وكيفيته وعدد ركعاته. (كنا نعد) من الإعداد أي نهيئ. (له سواكه وطهوره) بالفتح أي ماء وضوئه، وفيه استحباب ذلك والتأهب بأسباب العبادة قبل وقتها والاعتناء بها. (فيبعثه الله) أي يوقظه. (ما شاء أن يبعثه) أي في الوقت المقدر الذي شاء بعثه فيه. وفي رواية: فيبعثه الله متى شاء أن يبعثه من الليل. (من الليل) أي من ساعات الليل وأوقاته، فمن تبعيضية، وقيل: بيانيه. (فيتسوك) أولاً. (ويتوضأ) فيه استحباب السواك عند القيام من النوم. (ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة) الخ. فيه مشروعية الإيتار بتسع ركعات متصلة لا يسلم إلا في آخرها، ويقعد في الثامنة ولا يسلم. (فيذكر الله) أي يقرأ التشهد. (ويحمده) أي يثني عليه. قال الطيبي: أي يتشهد، فالحمد إذاً لمطلق الثناء، إذ ليس في التحيات لفظ الحمد. (ويدعوه) أي الدعاء المتعارف. (ثم ينهض) أي يقوم. (ثم يسلم تسليماً يسمعنا) من الإسماع أي يرفع صوته بالتسليم بحيث نسمعه، وفيه دليل على